Latin
Общее количество слов 3865
Общее количество уникальных слов составляет 1935
23.2 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
35.8 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
42.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
‫كونديرا‪ ،‬كانت الساعة حوالي العاشرة مساء‪.‬‬
‫اعتذرت ليزا بأنها تريد الذهاب‪ ،‬أوصلتها ورجعت منزلي‪ ،‬وفي طريق‬
‫ً‬
‫العودة قدت سيارتي مستمتعا وكنت استمع إلى‬
‫‪ ،Edith Piaf‬يا لهذا الصوت الجميل!‬
‫ً‬
‫ً‬
‫توالت األيام بسرعة‪ ،‬كانت ممتعة جدا‪ ،‬نهاري أصبح منتظما‬
‫ً‬
‫أكثر‪ ،‬التزمت باألعمال املكتبية‪ ،‬وذهبنا معا إلى ملعب التنس مرتين‬
‫ً‬
‫أسبوعيا‪ ،‬لم أتوقع أن تكون هذه اللعبة مرهقة بهذا الشكل كانت‬
‫ً‬
‫ليزا تبدو جميلة ومغرية جدا ببشرتها البرونزية وخصالت شعرها‬
‫املتناثرة وباألخص عندما تلمع بشرتها من التعرق أثناء اللعب‪...‬‬
‫بعد أسبوعين من ذلك املساء أثناء خروجنا من امللعب دعتني‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ألقابل والدتها أدريانا حاولت التملص كوني متعبا ومتعرقا لكنها‬
‫أصرت أن أقابلها‪...‬‬
‫ذهبنا بسيارتها امليني كوبر وصلنا املنزل واستقبلتنا السيدة‬
‫أدريانا بوجه بشوش كان لغتها الفرنسية املمزوجة بلكنة إسبانية‬
‫‪135‬‬

‫ً‬
‫تضفي عليها رونقا ما‪ ،‬ليزا تشبه أمها إلى حد كبير حيث تملك نفس‬
‫الجسد األنيق املتناسق ولكن والدتها ممتلئة الوجه أكثر بقليل من‬
‫ليزا‪.‬‬
‫تشعر بالتفاؤل بمجرد رؤية هذه السيدة ‪.‬‬
‫جلسنا في الصالون وأحضرت لنا القهوة مع قليل من‬
‫الكونتشيس ‪ conchas‬املكسيكية اللذيذة‪ ،‬وأخذت أتحدث عن‬
‫عملي وماركوس وكم من الوقت مض ى علي هنا في النمسا‪ ،‬وفي وسط‬
‫ً‬
‫ً‬
‫الحديث وقفت مبتسما واضعا يدي في جيبي انحنيت قليال إلى األمام‬
‫وقلت لها ‪:‬‬
‫_حدثيني كيف التقيت بوالد ليزا في ميامي!‬
‫ثم اقتربت إلى الكرس ي املجاور لها‪.‬‬
‫ً‬
‫ابتسمت وبدأت حديثها كما وصفته ليزا مفعما بالحيوية وفي‬
‫عينيها بريق من نوع آخر‪ ،‬كانت تفرك يديها وتضحك ببعض األحيان‬
‫وتجلس مرتاحة إلى الخلف كمن يشعر بفخر شديد تجاه ش يء ما‬
‫بطريقة أو بأخرى‪ ،‬ثم تنحني وتخفض صوتها لتوصل إلي بعض‬
‫األفكار العميقة‪.‬‬
‫قبل انتهاء الحديث دخل والد ليزا وقال‪:‬‬
‫‪136‬‬

‫ً‬
‫_لكن سحرك سيدتي ما زال موجودا حتى اآلن لم ينته حتى أني‬
‫أتمنى أن أعيد تاريخي معك منذ البداية‪.‬‬
‫اقترب مني بثبات وصافحني بقبضة قوية ثم قال‪:‬‬
‫ً‬
‫_إذن أنت كريم شريكنا الجديد وصديق ليزا مؤخرا‪.‬‬
‫_نعم‪ ،‬كريم‪...‬‬
‫ً‬
‫قبل أن أكمل قاطعني قائال‪:‬‬
‫_دايفيد‬
‫ً‬
‫وتحدثنا قليال عن سوق العمل وأسعار العقارات والسيارات‬
‫وأوضاع البالد االقتصادية والسياسية ‪.‬‬
‫ً‬
‫كانت أمسيه ممتعة جدا‪.‬‬
‫ً ً‬
‫مر الوقت مع ليزا سريعا جدا‪ ،‬أصبحت هي وماركوس عنصران‬
‫فاعالن في حياتي في العمل في العالقات االجتماعية‪ ،‬في التسوق‪ ،‬في‬
‫ً‬
‫ً‬
‫الرياضة‪ ،‬كنا نمض ي الوقت معا كعائلة تماما غير أن غيابات‬
‫ماركوس املتكررة لزيارة سالم خاصة في فترات العطل كانت السبب‬
‫ً ً‬
‫ً‬
‫الوحيد لعدم تواجده دائما معنا‪ ،‬لكنه كان يعود متحمسا جدا‬
‫للبقاء خاصة أنه بعد ثالثة شهور انتقلت ليزا للعيش معنا ثم‪ ...‬قررنا‬
‫بعدها أن نقوم بزواج كنس ي وبدأنا بتحضير الترتيبات‪...‬‬
‫‪137‬‬

‫ً‬
‫كل ش يء كان مرسوما بطريقة هادئة وجميلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫استعنا بمصممين لكل تفصيل في هذه املناسبة‪.‬‬
‫ً‬
‫كنت قبل ليزا فاقدا األمل بأن التقي بفتاة تطعم أحالمي‬
‫وتشبعني خبز الحب أو أنني وبعد كل التجارب التي خضت من املمكن‬
‫أن أرسو بسالم مع صبية تكاد تزيح قلبي وتجلس مكانه‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫بدا ارتباطي بليزا حقيقيا حتى أنني أصبحت مفعما بكل ش يء فيها‬
‫ً‬
‫بشكل ال يصدق وخارجا عن سيطرتي الذاتية‪ ،‬باتت أنفاسها تتخللني‬
‫ً‬
‫تماما حد اإلدمان‪ ...‬وإدمان اإلدمان‪.‬‬
‫لقد تقرر كل ش يء من خيار واحد لم نكن مضطربين في خياراتنا‪...‬‬
‫كل تفصيل صغير‪.‬‬
‫بدلتي الرسمية‪...‬فستانها‪ ...‬ديكور الحفل‪ ...‬مواقع التصوير في‬
‫جبال األلب وعلى نهر إينز وبعض األماكن العريقة والريفية في‬
‫النمسا‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ماركوس كان متفهما تماما لهذه العالقة ولحسن الحظ أنه لم‬
‫يكلفنا الكثير من الجهد حتى أخذ يستمتع بها‪ ،‬من الفترة األولى ليزا‬
‫تشاركه كل تفاصيل حياته حتى أنه بدأ يشعر أن الرحلة إلى سالم‬
‫‪138‬‬

‫بين الحين واآلخر‪ ،‬هي واجب أخالقي ال أكثر‪ ...‬لم أرد لذلك أن يحدث‬
‫ً‬
‫على أية حال‪ ،‬تبقى سالم أمه‪ ،‬لم أحادثها منذ فترة طويلة جدا‪...‬‬
‫ً‬
‫دايفيد وأدريانا كانا سعيدين جدا‪ ،‬حتى أنه بدأ يزور مكتبي بشكل‬
‫يومي بعد انتهائه من أعمال شركته‪ ،‬وأنا أخذت أنتظم في مواعيدي‬
‫وأعمالي بشكل أكبر وملحوظ‪ ،‬على األخص أنني توقفت عن تجارة‬
‫القنب في الفترة األخيرة‪ ،‬حيث كانت من أهم مصادر دخلي إلى أن‬
‫استبدلتها بحصص كبيرة في عدة مشاريع أخرى وبعض االستثمارات‬
‫الصغيرة‪.‬‬
‫ً‬
‫كل ش يء قمنا به كما وكأنه رتب ألجلنا كل ش يء تماما‪ ،‬بدأت آخذ‬
‫فترات أكبر من النوم وأمارس الرياضة بانتظام حتى أن ليزا اختارت‬
‫ً‬
‫لي قصة شعر جديدة _أحببتها جدا_ كانت تمشط شعري إلى جهة‬
‫اليسار مصففة إياه باملقوي وتشذب ذقني بيديها الساحرتين‪.‬‬
‫كنت أشعر أنني تحت تأثير سحر أنثوي نقي منقطع النظير في‬
‫ً‬
‫هذه اللحظات وأشعر أنها لن تنتهي يوما‪.‬‬
‫وال بد لي أن أتحدث عن صديقة الحوارات الشيقة التي تنتمي إلى‬
‫ً‬
‫بيئة مختلفة تماما والتي طاملا أمتعتنا بالحوارات العائلية مع‬
‫ماركوس وليزا‪ ...‬ساج‬
‫‪139‬‬

‫كانت (ساج) صديقة ليزا في بداية العقد الثالث من عمرها ولدت‬
‫ً‬
‫في بلدة ريفية متأثرة جدا بالكنيسة وترعرعت وهي تحمل الكثير من‬
‫ً‬
‫مبادئها الثابتة‪ ،‬مع أنني على علم ودراية بأن املبادئ دائما متغيرة غير‬
‫أنها حتى اآلن تمتلك من الثوابت ما يكفي لفهمها بشكل سريع أو على‬
‫ً‬
‫األقل خالل الفترة األولى من تعرفك عليها‪ ،‬على سبيل املثال دائما ما‬
‫ً‬
‫ترتدي التنانير الطويلة نوعا ما وتعارض مالبس السباحة‪ ،‬لم يكن‬
‫لها عالقات سابقة قبل زواجها (عالقات عميقة) لديها ارتباط وثيق‬
‫ً‬
‫جدا بمجتمع الكنيسة وتتقيد ببعض العادات االجتماعية والفردية‬
‫املرتبطة بها‪.‬‬
‫لم أستغرب أن ليزا لم تظهر عالقتها الوثيقة بها في أول مراحل‬
‫ً‬
‫تعارفنا فغالبا في املجتمعات األوروبية هذه الشخصيات قلما تقترب‬
‫من شخصية ما تشبه ليزا أو تشبنهي‪.‬‬
‫في لقائنا األول وعندما جلسنا في املنتزه املطل على البحيرة‬
‫كانت أحاديثها وتصرفاتها وكأنها غير واثقة من أنني وليزا على أهبة‬
‫نجاح عميق في عالقتنا وطاملا نصحت كالنا بأن نتروى في كثير من‬
‫األحيان‪.‬‬
‫ً‬
‫في جلسة ثانية قالت لي ليزا إن ساج حذرتها كوننا نحمل أصوال‬
‫ً‬
‫عربية نشبه كثيرا مجتمع الكنيسة‪ .‬وحتى إن صح الكالم ملاذا ننعته‬
‫بالتحذير! على أي حال أخذت زمام الحديث مباشرة ورحت أسرد ‪:‬‬
‫‪140‬‬

‫نحن ال نختلف على أننا أكثر املخلوقات فوضوية على هذا‬‫ً‬
‫الكوكب املبتلى فينا‪ ،‬وال نختلف أيضا على أن الفوضوية هذه جزء‬
‫من مسيرته وهي صحية في بعض األحيان وتتفاوت بين حين وآخر‬
‫وبين مجموعة وأخرى ‪.‬‬
‫ً‬
‫أعتقد أنه في خضم األزمات هناك تنسيق آخر دائما يأخذ مساره‬
‫ليعيد بعض األناقة لألحداث واملناطق واملجموعات التي ال تحتمل‬
‫ً‬
‫قدرا أكثر من معدل الفوض ى فيها ‪.‬‬
‫خالل تاريخنا البشري أو على األقل كما كتب (وهللا أعلم إن كان‬
‫ً‬
‫ما كتب قد حدث) تعرضنا للكثير والكثير جدا من األزمات بعض منها‬
‫كان بسبب الطبيعة األم وأغلبها كان من البشر وعند تخطي أي أزمة‬
‫كان هناك نظام جديد اكتسبناه بالفطرة (فطرة النجاة) جعلنا‬
‫مشذبين أكثر وأعطانا قدرة أكبر على فهم حقائق ما يحدث كما هي ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وألننا أيضا بطبيعتنا نميل ألن نكون فاسدين ونميل للشر غالبا‬
‫باألخص في أوقات األزمات كنا وما زلنا نستعمل خالصة األزمات‬
‫لتخدم مصالحنا الشخصية واالجتماعية واإلقليمية‪.‬‬
‫فأقمنا الحدود بين الدول وميزنا بين األعراق واألديان (التي‬
‫حرفناها أيضا لتخدم مصالحنا وطبيعتنا) وجعلنا فيما بيننا فوارق‬
‫كان البد منها حتى نصل إلى ما وصلنا إليه ‪.‬‬
‫‪141‬‬

‫رغم كل هذا اليوم نجد من ينتقد هتلر ويشتم النظام العاملي‬
‫ّ‬
‫الجديد‪ ،‬وتجد من يؤله تش ي غيفارا ومانديال على الرغم من أنهم هم‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫أنفسهم أكثر شرا من غيرهم لكن شخصا ما في وقت مناسب جدا‬
‫أغفل كل ذنوبهم ‪.‬‬
‫الخالصة يا صغيرتي األنيقة ‪:‬‬
‫ً‬
‫إننا كلنا وباإلجمال متساوون تماما لكننا نبحث عن فرق‬‫ً‬
‫ونصنعه ليخدمنا كما نفعل دائما‬
‫رمقتي ساج وقالت‪:‬‬
‫لكن حب هللا خالص ال ينتهي ‪.‬‬‫قلت‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫لكننا نحب بعضنا حبا خالصا ال ينتهي حتى املوت أحيانا ‪.‬‬‫أتقارن بين ُ‬‫الحبين؟!‬
‫بل إن حبنا هو جزء من هللا وضعه بنا‪ ،‬أتحدين منه بتعبير أو‬‫ً‬
‫ً‬
‫كتاب أو طقس معين؟ هل عشقت يوما شيئا حد املخاطرة بكل ما‬
‫تملكين؟‬
‫نعم‬‫وما هو‬‫‪142‬‬

‫بغض النظر ما هو ‪.‬‬‫ً‬
‫إذا هاك كتابنا املقدس بيني وبين ليزا ‪.‬‬‫و ما هو؟‬‫أخرجت هاتفي النقال ورحت به إلى املذكرة اليومية ‪.‬‬
‫وقرأت لها ‪:‬‬
‫ً‬
‫حصرا نبض قلبي يهتف بك‬‫يلهف بك‬
‫تقاسمينه املكان وضوضاء سحرك‬
‫ً‬
‫حصرا أنت ‪ ...‬أنوثتك ‪ ..‬هجوم زنابق وجهك‬
‫وليلك الليلكي وقبس لطفك‬
‫ً‬
‫حصرا هنا على صدري مخدة حسنك‬
‫وعلى أنين روحي تناجين روحك‬
‫وغرور خصرك ورحيقك‬
‫وعيناك أطوف بها زماني‬
‫وأحبك…‬
‫وإني أحبك وأحب قربك‬
‫‪143‬‬

‫ثم نظرت في عيني ساج وقلت ‪:‬‬
‫هذه رسالة نصية في وقت متأخر من الليل أرسلتها إلى ليزا ‪.‬‬‫أنا في نظري كل ارتباطاتنا متشابهة وكل حسب نقاء روحه‪ .‬إن‬‫هللا ال يختصر في دار عبادة حتى لو كانت الطريق إليه‪ ،‬لكن الطريق‬
‫خارج الدار أطول بكثير إليه يا صديقتي ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫والحياة تشاء أحيانا ما ال نشاء وترمينا في ُبعد علنا نكتشف ما‬
‫داخل الذات من ذوات ضاق بها الجلوس فأمرت الكون بأن تنهض‪...‬‬
‫دعينا من ذلك اآلن ‪.‬‬
‫نظرت في عيني ليزا وأكملت ‪:‬‬
‫مررنا البارحة بمكتب طيران وحجزنا ثالثة مقاعد إلى املغرب‬‫لقد حدثتني ليزا أنها من مفتونات تلك الحضارة‪ ،‬وأنها على مر‬
‫ً‬
‫العصور وعلى توالي االستعمارات التي حكمتها امتلكت مزيجا ما بين‬
‫الشرق والغرب واألمازيغ والعرب والفرنسيين وغيرهم فعال إنها‬
‫استحصلت على خيرة الثقافة العمرانية من كل ما مض ى عليها…‬
‫هنالك في مكان ما حياة ما تنتظر أن نحياها ‪.‬‬
‫ً‬
‫هنالك في ذلك املكان البعيد أراك تتراقصين سعادة‪ ،‬وأرى نفس ي‬
‫على إحدى خطوات الحلم ‪.‬‬
‫‪144‬‬

‫ً‬
‫هناك تماما حيث نرنو وقدر لنا أن نكون وأن نحيا تفاصيل الحب‬
‫الدقيقة بكل ما أوتينا ‪.‬‬
‫هناك ينتظرنا علنا في ساعة ما نعرف من أين يبدأ الطريق‬
‫وإني أحبك ‪...‬‬
‫وعندما أصل إلى ذروات حاالت الحب تتكون أيقونات آللئ‬
‫سماوية وتكتسب األرض استدارتها األنثوية وتبدأ حضارة ونقوش‬
‫جسد ‪.‬‬
‫ويبدأ عندك اليقين‬
‫عندما يضيق ليلي‬
‫ليلي أنت‬
‫ً‬
‫فليل العاشق ال يضيق إال حبا‬
‫ً‬
‫وعندما يفيض حبا عشقي كنت‬
‫ً‬
‫منذ أن كنت لك قلبا‬
‫أتعرفين ما الذي يأخذني فيك‬
‫يأخذني كلي وكلي أنت‪...‬‬
‫ً‬
‫وأنت أنا‪ ...‬عمر العاشق ُيقتض ى جوا‪.‬‬
‫قالت لي ليزا أنا أحب الحضارة العربية حد الشغف‪.‬‬
‫‪145‬‬

‫قلت إنك تحبين أفكارك املسبقة عنها فقط ‪.‬‬
‫عندما تهجر البقعة العربية أنت مطالب وبشكل تلقائي بأن تعود‬
‫بنتائج فائقة‪.‬‬
‫نعم هذا هو الحال في أرضنا التي تقتل األحالم والفرص أنت‬
‫تغوص في عمق أكبر تحت مجهر املجتمعات الشرقية التي اجتمع بها‬
‫من األمراض النفسية ما ال يعد وال يحص ى ‪.‬‬
‫أنت مجبر على البحث عن نجاح أكبر بشكل مستمر ال عن‬
‫سعادة تامة حد النشوة ‪.‬‬
‫نعم مفهوم السعادة حد النشوة ال ذكر له في قواميس التربية‬
‫ً‬
‫العربية إال متأخرا عندما تبدأ ثقافة الجنس خاصتك بالظهور‬
‫والتكون والتبلور (حتى هذه بها من الفهم الخاطىء ما يقلب املضمون‬
‫ً‬
‫كامال)‬
‫وها أنت تمض ي تبحث عن املال وتبحث عن النجاح وتبحث عن‬
‫األكثر واألكثر ‪.‬‬
‫وعند كل نقطة وصول يزداد املجهر حدة وتزداد جاذبية املجتمع‬
‫التي تسحبك نحو سقوط مؤلم حد املوت وفي بعض األحيان إلى‬
‫املوت نفسه وأنت ال تزال تتجرع أنفاسك بصعوبة ألنه ومع كل‬
‫خطوة تكبر البالطة التي وضعت على صدرك ويزداد وزنها إلى أن تهوي‬
‫بقلبك إلى مفر ما أو إلى أقرب مستشفى‪.‬‬
‫‪146‬‬

‫ً‬
‫هذه هي دورة حياتك هنا تهجر بعيدا وتمض ي إلى أبعد ما أمكن‬
‫وتختبئ خلف آالف الكيلومترات ثم تعود عودة واحدة كي تتيقن أنك‬
‫كنت على صواب كبير‪ ،‬وأن كل األسباب التي دفعتك للمض ي والهرب‬
‫ال تزال موجودة وبقوة‪...‬‬
‫قالت‪:‬‬
‫وفي البحث عن السعادة يتغير هذا املفهوم بتغيير بنيتك‬
‫السيكولوجية والطريقة التي نشأت بها وأسباب النشوء هذا‬
‫منا من يرى املادة ومنا من يراها الحب ومنا من يراها النجاح وأنا‬
‫أقول في رأيي أن الحب هو مصدر النجاح الذي يدفعك وبشكل‬
‫تلقائي أو كنتيجة حتمية الختزان املال هذا هو سر املعادلة ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫الحب والحب أوال وأخيرا‬
‫أبحث عنه في أبعد مكان‬
‫أبحث عنه في أعمق بقعة في قلبك وفي أقس ى الظروف التي‬
‫ً‬
‫اعتقدت يوما أنها لم ولن تجري لصالحك‬
‫أبحث عنه في أصدق مكان بداخل روحك‬
‫واترك لنفسك العنان‪ ...‬به كل العنان‬
‫ً‬
‫ً‬
‫افتح ذراعيك وطر كما لو أنك خلقت لتطير عاليا وبعيدا‬
‫‪147‬‬

‫اهو بثقلك دون النظر‬
‫وعند الوصول إلى أقص ى ارتفاع ممكن‪ِ ،‬‬
‫إلى نقطة الوصول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬عند الوصول يكون الحب إما على بعد قشة من نقطة‬
‫انطالقك أو أنه على بعد كواكب لكنك هويت إليه فهو مصيرك بكل‬
‫ما أوتيت من خوف وتعب وشغف وطاقات‪...‬‬
‫أنت تبحث عن انتقام من كل ما لديك وعندما تصل إلى القدرة‬
‫ً‬
‫على هذا االنتقام حلق بعيدا بحبك الذي وصلت إليه فهناك فقط‬
‫في ذاك البعيد أنت هو أنت‬
‫أنت ما حلمت‪ ...‬ما تمنيت‬
‫أنت كل الكل داخل كلك‪ ،‬وأنت ال ش يء في هذا الخضم كله سوى‬
‫روحك الناجية من االنتقام الذي طاملا رنوت إليه ‪.‬‬
‫إن انتقامك الوحيد هو من ذاتك التي طاملا شذبت وهذبت‬
‫وصقلت ‪.‬‬
‫ً‬
‫وهنا أنا أقول لك أن تقدرها وأن تمض ي قدما فالبعيد قد مض ى‬
‫ً‬
‫والقريب هو أنت غدا‪.‬‬
‫قالت ساج وال أنكر أنها فاجأتني ‪:‬‬
‫أبحث عن صديق تصفعه فيضمك إلى صدره‬
‫‪148‬‬

‫تشتمه فيبتسم وال يرد الشتيمة‪ ،‬تبكي أمامه فيحمل جرحك في‬
‫فيض عينيه ويأتي من روحه ببلسم ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تأتيه فرحا فيدفعك للتحليق عاليا ثم تعود إليه هادئا لتمض ي به‬
‫حيث مض ى بك ‪.‬‬
‫ً‬
‫وأنا أقول لك ليس هناك بعالقة متكافئة تماما وإن كانت فهي في‬
‫جداول الفيزياء والرياضيات فقط ‪.‬‬
‫نحن خرجنا لنغرد خارج السرب وفي هذا املفهوم ما يكفي من‬
‫التغريد الحر أنا ملتزمة بالكثير من ثقافة الكنيسة لكني لست ملتزمة‬
‫ً‬
‫حرفيا ‪...‬‬
‫وأكملت‪:‬‬
‫ً‬
‫قل لي شيئا صعب املنال يا كريم ‪.‬‬
‫قلت ‪:‬‬
‫كتبت هذه مرة عند فقداني جنى قبل فهم مرضها ‪:‬‬‫أريدك بمقدار ما ال أستطيع أخذك‪ ،‬وأستطيع أخذك بمقدار‬
‫ما ترفضين ذلك‪ ،‬وأنت ترفضين ذلك بمقدار ما تريدين االحتفاظ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫بنا معا‪ ،‬وأنا وأنت نريد أن نظل معا بمقدار ما يضعنا ذلك في‬
‫اختصام دموي مع العالم!!‬
‫وجهك يالحقني‬
‫‪149‬‬

‫ً‬
‫ً‬
‫أكاد ال أخطو خطوة واحدة أو ألتفت يمينا أو شماال وال أراه‬
‫يحملني إليك كل هذا الشوق الذي ال ينتهي‬
‫هنا نحن ذا وأنت بجانبي ‪...‬‬
‫وذات يوم قلت لليزا‬
‫يحملني إليك حلم كبير كل ما مشينا به خطوة اتسع أكثر‪ ،‬هذا‬‫الحلم ال ينتهي‬
‫إنه فقط يتسع ويكبر‬
‫عندما أريد أن أتحدث إليك من كثرة التفاصيل أتلعثم ورغم‬
‫اتساع حيلتي بالكتابة والتعبير والحديث إلى الحسناء التي أحب‬
‫تخونني مفرداتي وأفقد القدرة على تركيب الجمل بين الحين‬
‫واآلخر‬
‫هذا أنا املتكبر البارد الذي ال يعرف كيف يحب تفاصيلك‬
‫هذا وألنني يا سيدتي في عمق ثمل العشق‪.‬‬
‫أحببت ما رويت فيه‬
‫كلما أمسكت بقلم ألكمل كتابي الذي‬
‫ِ‬
‫يأخذني هذا القلم إليك‬
‫إنه جذب العشق إلى العشق حيث وأننا في هذا التيه تائهون‬
‫وإني أحبك‪...‬‬
‫‪150‬‬

‫ساج ومع الزمن أخذت مكان الصديقة التي ال تنضب واستمرينا‬
‫حتى يومنا هذا ‪.‬‬
‫وفي نهاية الحديث اتفقنا على مفهوم نذكر بعضنا به بين الحين‬
‫والحين ‪ .‬وألن الفرار وسيلة دفاع ال نكف عن استخدامها بوجه أي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫مفهوم كان (ثامن املستحيل هو أن تصلح شخصا وقد عطب‪ ،‬حبا‪،‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫شوقا‪ ،‬أو خذالنا)‪.‬‬
‫كان هذا حديثنا األخير قبل سفرنا املفترض إلى املغرب والذي لم‬
‫نذهبه قط‪...‬‬
‫في مساء اليوم التالي خرجت ليزا مسرعة من الشاليه الجبلي‬
‫إلنهاء أمور مستعجلة على نية العودة قبل الظهيرة‬
‫بعد انطالقها بوقت قصير تعرضت لحادث سير عند سفح‬
‫الجبل وبقيت وحيدة لبضع دقائق قبل أن يلحظ أحد انقالب‬
‫السيارة من الطريق إلى جانب الوادي‪.‬‬
‫لم يخبرني أحد حتى وصلت إلى املستشفى هرعنا إليها أنا‬
‫وماركوس وقبل وصولنا كانت قد غادرتنا‪ ...‬على عجل دون وداع‬
‫مناسب دون أن تخبرنا عن نيتها بالرحيل‬
‫دون أن تكتمل سعادتنا بها‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫ذهبت ليزا إلى حيث ال عودة وذهبت بي ذاكرتي إلى نقطة البداية‬
‫ً‬
‫حيث أنني رحلت بسبب مفاجأة مشابهة تماما‪...‬‬
‫اختلط ّ‬
‫علي املشهدان بين الواقع والذاكرة بين أنني ال أريد أن‬
‫ً‬
‫أصدق شيئا من املاض ي والحاضر‪.‬‬
‫ً‬
‫بين أنني اآلن وماركوس مذهوالن تماما‬
‫ً‬
‫بين أن الحياة دائما تعاقبني بمن أحب‬
‫ً‬
‫ً‬
‫دائما ما تأخذ مني قطعة من روحي على عجل تحفر ندبا ترسم‬
‫ً‬
‫خطوطا جديدة على وجهي وتلون املزيد من شعري بلون الرماد الذي‬
‫يسكن قلبي‬
‫إنه انعكاس ما تبقى من الروح فقط لتحريك جسدي الذي ملها‪.‬‬
‫بكيت كطفل صغير‪ ،‬بكيت فقدان األم‪ ،‬فقدان العشيقة‬
‫الحبيبة فقدان سالم الروح‪ ،‬فقدان ما يحركني فقدان كل ما هو ‪.‬‬
‫ليزا‬
‫كيف لي أن أبدأ صباحي دون رائحتها‬
‫ملن أتحدث اليوم عن ماركوس وعن عملي وعن كل ما يشكل بقايا‬
‫روحي التي ُعذبت بالحب وجلدت جلد املذنبين بحق نبوة أو إله‬
‫كيف أصعد طريقنا الجبلي وهي ال تنتظرني‬
‫‪152‬‬

‫كيف أترك أي مكان وهي لم تودعني‬
‫كيف أرثيها …‪ ..‬أنا الذي بت بحاجة ألرثي نفس ي‬
‫ماذا أكتب لها في غيابها وأنا الذي يريد أن يكتب اسمه على‬
‫الشاهدة بجانبها‬
‫كيف لي أن أقول لها بسالم‪ ...‬يا حبيبتي …‪ .‬ارحلي رحيل األثير‪.‬‬
‫ً‬
‫رحيل املالئكة وأنا أصال رحلت عند رحيلها‬
‫لم يبق ش يء بهذه الروح يا سيدتي… لم يبق منها أي بصيص نور‬
‫لكي تحيا‬
‫إلى سماء أخرى؟‬
‫هل من غليل بحجم غليلي؟‬
‫من مات غيري في كل خسارة كبرى؟‬
‫من هرم غيري عند كل حلم تحطم ورحل؟‬
‫في دمشق وبعد هذا السرد الطويل‬
‫وضعت قلمي على الطاولة ووقفت وقفة املتعب املثقل ‪.‬‬
‫مشيت إلى املرآة الدمشقية القديمة املعرقة الصافية كصفاء‬
‫وجهها‬
‫نظرت إلى وجهي وحدثتها‬
‫‪153‬‬

‫هذه التجاعيد التي ترينها إنها آثارهن‬
‫أعمقها يعود إلى جنى والفراغ الصافي املتبقي‬
‫شئت‬
‫ينتظر منك أن ترسمي به ما ِ‬
‫هذا حال الشعر الرمادي الذي بدأ بالظهور في أول العشرينيات‬
‫من عمري‪.‬‬
‫ً‬
‫كنت مرهقا حد الفزع‪.‬‬
‫ً‬
‫كنت متعبا حد املوت ولم أمت‬
‫كنت أخزن من القوة وعنجهية النهوض والقدرة على أن أكون أنا‬
‫الذي أصبو‬
‫حد تغيير العالم‬
‫وهذه هي النتائج الطبيعية لالختالطات التي ذكرت‬
‫تعمقي لتقرئي حاولي أن تري وجهي كما لم يره أحد من قبل‪.‬‬
‫تخيلي أنني وفي التفاصيل مازلت أراقب خط يدي إن كان غير‬
‫مقروء باألخص ألنني نفس ي أعجز عن قراءته في بعض األحيان ‪.‬‬
‫نحن ال نفهم أنفسنا بقدر اعتقادنا بأننا فهمناها ولكننا وبسبب‬
‫اعتقادنا الخاطئ هذا نمتلك القدرة على التغيير اإليجابي حسب‬
‫احتياج الظرف لتغيراتنا هذه‪.‬‬
‫‪154‬‬

‫ً‬
‫نحن اليوم ومنذ األزل نستهلك البشرية بنفس الطريقة تماما رغم‬
‫اعتقادنا بأن هنالك أشياء اختفت ودثرت إال أنها موجودة وبحضور‬
‫قوي إنما بوجه آخر من التواجد‬
‫نعم يا صغيرتي إن األشياء تتقمص‬
‫فأجابتني ‪:‬‬
‫إن حجم الخسارات يكون بقدر عمقها داخل أرواحنا‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن الذي يمض ي يوما بعد يوم هو تكرار شروق الشمس لكننا‬
‫نملؤه بجزء جديد من أرواحنا لربما شكلته البارحة أو قبل دهر ‪.‬‬
‫ال معنى للوقت في هذا املفهوم الذي أمضيتني به ‪.‬‬
‫إن لكل ش يء رد فعل أو نتيجة‪ ،‬عقاب أو ثواب جرح أعمق أو‬
‫التئام جديد ألرواحنا‪.‬‬
‫ما بدأ في أي حين ال بد وأن ينتهي في حين والخيار على قدر صبرنا‬
‫ومثابرتنا ‪.‬‬
‫ً‬
‫هكذا يظلم الظالم‪ ،‬إنهم يثابرون وهكذا تأتي الحقوق أيضا‬
‫باملثابرة ‪.‬‬
‫لكن الفرق هو أن من ثابر على كذب يأتي عليه برد فعل عكس ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تماما ولو بعد دهر‪ ،‬وتكون الخسارة أضعافا مضاعفة على قدر‬
‫مسافة الزمن املسروق من الحقيقة‪.‬‬
‫‪155‬‬

‫قلت ‪:‬‬
‫في الحب ما هو إساءة له في أن ُندين ِبه وأن نشيد به وأن نكون‬
‫حاضرين راحلين ‪.‬‬

‫ً‬
‫وبه منك ما ال يشاع به مقياسا كي يوثق أو يترتب عليه من‬

‫التوصيف أو حتى أن ينثر على ورق أو أن أستعيد الصياغة به أو‬
‫الترتيب‬
‫فيه الكثير من السرد اللبق كما لباقة وجهك‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫وأفكار تدور بمحورية حولك كما أنثورة أو سردية أو جزلية‬
‫ً‬
‫كما أتحدث مطوال وأقصر في التعبير وفي الحب منه ما يشاء بنا‬
‫وما ال نشاء به وما ال يتطابق مع املنطقية أو الالمنطقية‬
‫قهوة جافة‬
‫هو الليل الطويل وشرب من ٍ‬
‫ٌ‬
‫كذب جميل ومواعيد لم تنضب بعد‬
‫أنت ما بين شهقات أمالي وشذرات أفكاري‬
‫هو ِ‬
‫جسد مدمى‬
‫و ثوراتك الهامدة ‪ ..‬وبراكين‬
‫ٍ‬
‫وسعادتي بالكذب الجميل‬
‫هو الحب‪. ..‬‬
‫هو أنت‪ ...‬هو أنا‪ ...‬نتزامن والليل الطويل‬
‫‪156‬‬

‫ً‬
‫و أكملت ساردا بصوت عال ووجهي هذه املرة نحو السماء من‬‫نافذتي‬
‫لست بقادر أكثر على أن أكتب أو أقرأ أو أرتكب أي عنف كان‬
‫بحق ذاتي أو بحقك‪ ،‬بت غير قادر على جريمة ثانية بحق هذا‬
‫الحب‬
‫كيف لي أن أستعيد الثقة بأن حبك ما زال كما هو‪ ،‬أنك أنت هي‪،‬‬
‫ً‬
‫وأنا أصال لم أفقدها بل الذي فقدناه كان في تحليلي أقل من هذه‬
‫الخسارة بكثير لكنه أعمق‬
‫كان املسافة بين الوجود والالوجود‬
‫كانت حيرة الثقة أو الالثقة‬
‫كانت غربة أخرى من نوع آخر‬
‫يا وطني وغربتي‬
‫ً‬
‫أيها الحب الذي لم أعد قادرا على تسميته‬
‫معك رسالة كتبتها لسالم بعد فترة قصيرة‬
‫استحضرني حديثي ِ‬
‫ً‬
‫من فراقنا‪ ،‬كتبتها لكنني لم أرسلها أبدا وفي كل مرة أجدد احتفاظي‬
‫بها بدون سبب فقط ألني أريد االحتفاظ بها‪ ،‬ولم أقرأها ألي كان فيما‬
‫سبق لكنني سبق وقرأتها بيني وبين نفس ي بضع مرات في كل بضع‬
‫سنين ‪:‬‬
‫‪157‬‬

‫ً‬
‫أكاد أن اختنق مجددا‬
‫ً‬
‫أسأل عنك سرا‬
‫هذا الوجع أكبر من أن يحتمل‬
‫ً ً‬
‫يأخذ حيزا كبيرا حتى اآلن‬
‫أتعلمين أيتها الحبيبة السابقة‬
‫ً‬
‫ً‬
‫إنني حتى اليوم لست بقادر على أن أستعيد جزءا واحدا من ذاتي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ولست بقادر على أن أترجم جزءا صغيرا منك كعادتي‪.‬‬
‫ذات يوم أخبرتني كل ش يء‬
‫كل ش يء عميق دون كالم‪ ،‬دون وصال‪.‬‬
‫دونما أن تعرفي أي هواء أتنفس وعلى أي ماء أرسو في قلبي سواء‬
‫ً‬
‫كنت راسيا أم لم أكن‬
‫ً‬
‫كنت واثقة مثلي تماما أننا ال ننتهي‬
‫ِ‬
‫إن التعب لن ينال منا إال إذا اقترفنا أكبر كبائر الحب وهي بعدنا‬
‫الذي دمر ما ال طاقة لنا به على ترميمه ‪.‬‬
‫أكثر ما يتعبني أنني لست بقادر على أن تكوني غير أنت‬
‫‪158‬‬

‫لكن كيف عساي أن أترجم تقبلي كون البعد أصبح بأربعة‬
‫ً‬
‫مسافات بدل الثالثة وأن أعيش عشيقا ال يملك منك إال كلك الذي‬
‫أودعته في حيز آخر ليس عندي ‪.‬‬
‫صدقيني لم تتعبني مسافة ولم يكسر همتي ش يء من القالئل‬
‫والكبائر التي مرت عندي وبجانبي‪.‬‬
‫كل ما أرهقني اليوم هو الذي أرهقني قبل كالمك األول بعد‬
‫قطيعة العمر التي هدتنا في املرة األولى‬
‫إنها ذات املسافة بيننا‬
‫إنه السؤال الوحيد‬
‫كيف عساي أال أحبك وكيف لي أن أحبك‬
‫أحتاجك اليوم‬
‫أكثر من أي ثمين أملك وأكثر من أي غال يساندني‬
‫أحتاجك اليوم بطريقة لست بقادر على أن أترجم أسبابها وال‬
‫ً‬
‫أصال عندي الطريقة‬
‫إنها الغربة يا صديقتي‬
‫غربة الحب ال أكثر وال أقل‬
‫ُ‬
‫عذبت‪ ،‬وعذبتني يا حبيبتي‬
‫إنك أنت التي‬
‫هي صورتنا في مكان ما داخل الذات يا سيدتي‬
‫‪159‬‬

‫هي كل ش يء أودى بنا إلى هذا الصمت‬
‫إنها الش يء الوحيد الذي نملك‬
‫إنها غربتنا‬
‫وهنا في كل مرة أقرأ هذه الرسالة أرى أنني فقدت التواصل معها‪،‬‬
‫وأنها باقية فقط ملجرد البقاء حتى أنها ال تمتلك قيمة الذكرى‬
‫إني في النهاية مدمن على الشعور بالحب والكتابة له فقط‬
‫وفي الكثير من األحيان أكتب ألني أريد أن أكتب وأعيش حالة‬
‫الحب فقط ألني أريد أن أعيشها وأمض ي بها الى البعيد البعيد ألني‬
‫ً‬
‫في داخلي أراه (الحب) وكأنه مغارة عميقة بدون نهاية أصال وفيها من‬
‫األسرار والخبايا والقصائد وفساتين السهرات والعطور ما ال يمكن‬
‫أن تنهيه تجربة‬
‫أرى أنها وبغض النظر عمن كانت عندما دخلت إلى هذه املغارة‬
‫تاهت بفحواها توه السكارى وثملت ثمل املعشوقة املدللة وتناغمت‬
‫مع أنوثتها حتى نسيت أين هي وتوقف الزمان بها‪.‬‬
‫بل إنها ترفض الخروج أو حتى أن تضيع أي ثانية كانت للنظر‬
‫خارج مسافة الحب التي وقعت بها‬
‫فهي بنشوتها تغرقها في ذاتها حتى ال نهاية‬
‫‪160‬‬

‫أنا على يقين كامل أن كل الجمل التي ُركبت من حين آلخر وبين‬
‫فترة زمنية وأخرى قد تجمع في كتاب يسمى (وصايا داء العشق‪ .‬أو‬
‫لربما أسميته كيف تحب امرأة) لكني أرى أن الحب ذاته أكبر من أن‬
‫يتلخص في كتاب أو قصيدة أو بداخل أي ش يء آخر‪.‬‬
‫إنه الحرية الكاملة املطلقة وبنفس الوقت سجن الروح إذا ما‬
‫كانت في الزمان واملكان الخطأ وهنا للزمان واملكان مفهوم آخر‬
‫يشبنهي عندما قلت لها أنت زماني ومكاني ‪.‬‬
‫إني اآلن وبهذه الطريقة أكون قد أعطيتك امللخص الصغير‬
‫ً‬
‫األخير عن كل ما فات وما مض ى ولو أردت فعال الحديث عنه ألي كان‬
‫فحديثي من املحال أن ينتهي أو أن يرسو على أي من رمال الحب أو‬
‫على شكل قصة ‪.‬‬
‫فأكتفي بالقول فقط وال أريد أن أعيد نفس ي في أي من سطور‬
‫ً‬
‫الهيام القديمة بل إنني أريد أن أعيش الحب يوما بعد يوم‪.‬‬
‫قصيدة تلو األخرى وأغنية ومعزوفة بعد ثانية‪.‬‬

‫‪161‬‬

‫‪48‬سنة مرت ‪ ...‬كل واحدة منها كثانية زمنية فقط‬
‫تخيلي أنني رويت كل املهم املهم مما مض ى معك في فترة واحدة‬
‫سرقناها‬
‫وفي جلسة واحدة طويلة علها أطفأت بداخلك كل الشغف‬
‫ً‬
‫ً‬
‫بأربعيني مثلي وأطفأت رغبتي بأن أكون حبيبا موجودا في حياتك ‪.‬‬
‫وكما قلت لك إن األشياء واألحداث تتقمص يا صغيرتي وتتكرر‬
‫بشكل مباشر يومي نعود به ملفهوم الزمان واملكان‬
‫على غرار السرد هذا‬
‫لكل حديث بقية‪...‬‬

‫‪162‬‬
Вы прочитали 1 текст из Арабский литературы.
  • Части
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 1
    Общее количество слов 4586
    Общее количество уникальных слов составляет 2224
    21.9 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    34.2 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    41.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 2
    Общее количество слов 4660
    Общее количество уникальных слов составляет 2228
    22.6 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    35.9 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    42.3 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 3
    Общее количество слов 4644
    Общее количество уникальных слов составляет 2159
    22.7 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    35.4 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    42.6 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 4
    Общее количество слов 4571
    Общее количество уникальных слов составляет 2302
    20.9 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    33.9 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    40.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 5
    Общее количество слов 3865
    Общее количество уникальных слов составляет 1935
    23.2 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    35.8 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    42.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов