Latin
Общее количество слов 4571
Общее количество уникальных слов составляет 2302
20.9 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
33.9 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
40.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
‫اآلن في مكان ضعيف‪ ،‬من جهة لدي سالم وماركوس ومن جهة أخرى‬
‫عالقتي التي تشتد كل يوم بفيصل‪ ،‬بدأ فيصل يعطيني مفاتيح‬
‫األشخاص الذين يعتمد عليهم سام‪ ،‬وعلمت أن هنالك ما يقارب‬
‫العشرة أشخاص كما سام‪ ،‬وبدأ يقدمني على أنني فرد جديد من‬
‫العائلة‪ ،‬هنا أيقنت أنه ال عودة‪...‬‬
‫ما بعد العام السابع في امستلفين‪:‬‬
‫في عيد ميالدي الثالثين‪ ،‬فاجأتني سالم بزيارة مع ماركوس‪ ،‬إلى‬

‫ُ‬
‫نزل "ماركوس" في هارلم‪ ،‬في السنوات الثالثة التي مضت أصبحت‬
‫عالقتي بسالم مرتبطة بماركوس فقط‪ ،‬وصرت ال أترك مناسبة ال‬
‫أشعر بها سام بمدى ضعفه وعجزه أمام ماركوس سيتي الترفيهية‪،‬‬
‫والتي اآلن أفتتح فرعها الثاني في شتوتغارت على األخص بعد خروجي‬
‫التدريجي من سوق تجارة القنب‪ ،‬طاملا كان الكرم مفتاح القلوب‪.‬‬
‫منذ كأس الويسكي على شرفة سام‪ ،‬أصبحت سالم على ما يبدو‬
‫بين نارين أنا وماركوس من جهة وتصرفات أبيها من جهة أخرى‪ ،‬بدت‬
‫ً‬
‫ً‬
‫غريبة األطوار أحيانا‪ ،‬متأففة دون سبب أحيانا أخرى وبدت‬
‫‪102‬‬

‫ً‬
‫نقاشاتنا مشادات كالمية حتى أنني أتذكر جيدا حين خرجت في ليلة‬
‫ُ‬
‫ضبابية من شقتنا إلى نزل ماركوس وقضيت الليل فيه‪ ،‬كانت سالم‬
‫في األشهر األخيرة حتى انفصالنا شديدة الغضب‪ ،‬حتى أن ماركوس‬
‫مرة طلبني في الهاتف وقال لي أن هناك شاب يتردد إلى املنزل‪ ،‬سألته‬
‫إن كان قد قض ى الليل فيه فنفى وقال إن سالم تحبني‪ ،‬لكننا لم نعد‬
‫كما كنا قبل منذ مرضت‪ ،‬وقال إنه يتمنى لو أنني أمرض ثانية كي‬
‫نعود عائلة كما كنا‪...‬‬
‫ً‬
‫ثالث سنوات في هارلم‪ ،‬احتفلنا بعيد ميالدي لم أقرب سالما‬
‫ً‬
‫يومها‪ ،‬ظل ماركوس غافيا على يدي حتى الصباح‪ ،‬رحلت سالم في‬
‫اليوم التالي‪ ،‬أما ماركوس قرر أن يبقى بقية األسبوع برفقة أبيه‬
‫ً‬
‫مستفيدا من أيام العطلة املدرسية‪ ،‬هكذا صرنا أنا وماركوس‪ ،‬يأتي‬
‫ً‬
‫في عطالت نهاية األسبوع نخرج معا نتحدث كصديقين من نفس‬
‫العمر‪ ،‬كنت أتمنى لو أنني أستطيع أن أخبره ما الذي أتى بنا إلى هنا‪،‬‬
‫ً‬
‫كان يحب سام كثيرا‪ ،‬وكان علي االنتظار حتى أنقل الحقيقة كاملة‬
‫إليه‪...‬‬

‫‪103‬‬

104

4

105

106

‫سحابة صيف يف النمسا‬
‫قاعة فسيحة ذات أرضية رخامية فضية اللون يتخلل الرخام‬
‫ً‬
‫أحجارا المعة تبدو كماسات صغيرة‪ ،‬طاوالت عليها شراشف فاخرة‬
‫ونوافذ واسعة تطل على حديقة فيها بحيرة وملعب غولف‪ ...‬صوت‬
‫تشيلو ممزوج بصوت كمان وبيانو‪ ،‬أصدقاء نموذجيون لحفل‬
‫رسمي راق‪ ،‬بدالت رسمية من صناعة ماركات عاملية فاخرة‬
‫ومصممون معروفون على مستوى أوروبا‪ ،‬فساتين ساتان ودانتيل‬
‫بتصاميم ال تقل عن وزن الحضور‪ ،‬والكثير من األقمشة الفاخرة‬
‫التي تبدي من التصاميم جمال مفاتنهن‪ ...‬كان هنالك شاب بدين‬
‫شعره أصفر كالنحاس يمشطه إلى جهة اليمين ليخفي بداية الصلع‪،‬‬
‫‪107‬‬

‫له لحية خفيفة شعرها متناثر في وجهه‪ ،‬وشارب مترام‪ ،‬فمه عريض‬
‫ووجهه طفح ممتلئ‪ ،‬يلبس بدلة سبور شيك‪ ،‬حذاء أسود المع‪ ،‬بيده‬
‫كأس ويسكي وباألخرى سيجار عريض‪ ،‬كان يضحك وكأنه أطلق‬
‫العنان لكائن ما يختبئ بداخله‪...‬‬
‫هو الشخص الوحيد في هذا الحفل الذي ترك الزر األول من‬
‫ً‬
‫ً‬
‫قميصه الكاروهات مفتوحا والشخص الوحيد تقريبا الذي يحمل‬
‫ً‬
‫كرشا فوق قدميه‪ ،‬يتدلى تدل بسيط ليغطي حزامه‪.‬‬
‫ً‬
‫كنت أقف صامتا أمسك بكأس على مستوى صدري وأنظر إليه‬
‫بقنوط‪ ،‬شعرت وكأنني قد استبدلت عمودي الفقري بلوح خشبي‬
‫ً‬
‫وقدماي تسمرتا تماما إلى األرض والتصقت بأرضية حذائي‪ ،‬نظر إلي‬
‫شعرت أن الحضور اختفوا عندما التقت أعيننا وأن ضغط هواء‬
‫ً‬
‫الغرفة قد ارتفع وأن هناك خطا من الطاقة فيما بيننا شعرت‬
‫بجسدي يستجمعها وأن ّ‬
‫يدي قد انتفختا وصررت قبضتي على‬
‫كأس ي‪ ،‬ابتسم ابتسامة مصطنعة وأشار لي "بصحتك " أومأت إليه‬
‫بصمت ولم أحرك أي من عضالت وجهي كان هناك امرأة ثالثينية‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ممتلئة الجسد تلبس فستانا أحمر ناريا يتدلى على أردافها وخصرها‬
‫ويرسم بعض مالمحه شعرها أسود كثيف متعرج‪ ،‬بدت وكأنها‬
‫حضرت جلسة ماكياج خفيفة تليق بحفل كهذا ‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫في البحث كنت دائم الترحال‪ ،‬كنت أتقلب كيوم خير في املزاج من‬
‫مدينة إلى أخرى ومن أرض جرداء إلى سهل ومن سهل إلى جرد أعبر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫طريقا طويال‪ ،‬أقودها بأشد الحماس لكني تائه املقصد دائما‪ ،‬أنا‬
‫بحجم قدرتي على امتالك كل ش يء وأكاد ال أمتلك قرارة نفس ي‪ ،‬أكاد‬
‫ال أستطيع أن أحدد ما هو عشائي اليوم‪ ،‬أبحث عن ش يء يخرجني‬
‫من هذا الضيق ‪ .‬ضيق بال سبب‪...‬‬
‫خرجت من هذا االحتفال الكبير وكأنه لم يكن كل ما أصابني منه‬
‫هو إرهاق الجسد فقط‪ ،‬ال طعم له وال لون‪ ،‬ال مقصد لي بهؤالء‬
‫ً‬
‫الذين قابلتهم وال يهمني ماذا يقصدون بي‪ ،‬هذا أنا دائما طليق مقيد‪،‬‬
‫ً‬
‫حر املزاعم‪ ،‬زعمي حقيقة وحقيقتي واقع مؤثر جدا على كل من‬
‫حولي‪.‬‬
‫ً‬
‫صعب جدا أن أرض ى‪ ،‬فالرض ى بالنسبة لي هو حد نهاية طموحي‬
‫بذاك املبتغى الذي رضيت فيه‪.‬‬
‫أريد أن أتنفس‪ .‬لم يخرق صدري ال هواء صيفي وال هواء بارد‬
‫أريد أن أخرج من جسدي وأتأمله‪ ...‬أتأمله وهو في عري كامل‪ .‬سأحزن‬
‫عليه لساعة وأعجب به لساعة سأضمه ساعة أخرى وسأنفر منه‬
‫ً‬
‫ساعة أخرى‪ ...‬سأجلس معه كشخص أخر يفهمني تماما‪.‬‬
‫‪109‬‬

‫ساعات بصمت‪ ...‬صمت فقط‪ ،‬هذا الصمت يقرؤه كل ما‬
‫ً‬
‫بداخلي ال حزن يكفيني‪ ،‬إن الحزن ال يكفي أبدا حتى شديد الحزن ال‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫يضيف إلي شيئا‪ ،‬ال فرحا عرمرما‪ ،‬إني ال أفتقد شيئا حتى إذا جاءني‬
‫فرحت‪.‬‬
‫أراك أيتها اآللهة جسدي الذي تحدثت عنه‪ ،‬ال أضيف لذلك‬
‫ً‬
‫ً‬
‫أنت فقط هو‪ ،‬أنت أنا‪ ،‬أنت الذات التائه الذي وصل مبكرا‬
‫شيئا‪ِ ،‬‬
‫ً‬
‫جدا إلى كل ما أراد‪ ،‬أنت املعذب الذي على قدر ما ُعجن ُ‬
‫وصبغ ولطخ‬
‫وضرب تشكل بصيغة ال تقهر‪ ،‬أنت أنا الذي أراه ّفي‪ ،‬أنت الذي ال أرى‬
‫ً‬
‫شيئا سواك‪.‬‬

‫بدأت أتأملها كانت ممتلئة بطاقة لم أستطع تفسيرها بهذه‬
‫اللحظة تتحدث بصوت أنثوي مع أحدهم وترمقني بطرف عينها‬
‫خلسة‪ ،‬وأنا بدوري أمثل عدم االكتراث‪ ،‬نظرت تجاهي مبتسمة‬
‫بإغراء وكأنها لم تعنها لي‪ ،‬أعطتني إشارة دون أن تثبت ذلك أدرت لها‬
‫ظهري تحدثت مع أحدهم كنت أشعر بنرجسية كبيرة‪ ،‬الوحيد‬
‫ً‬
‫املوجود بهذه القاعة‪ ،‬أشبه ممثال بدور البطولة ومن حولي هم‬
‫كومبارس الحلقة حتى هي‪...‬‬
‫شردت في غفلة مع أني لم أفكر بها‪ ...‬حينها بدون إنذار أحسست‬
‫ً‬
‫أني أشتم رائحة جسدها‪ ،‬إنها شهية وأن هذا البهاء اليزال موجودا في‬
‫ً‬
‫أنثى نظرت إليها نظرة إعادة تقييم رمقتها مجددا قدماها ناعمتان‪،‬‬
‫‪110‬‬

‫ً‬
‫أصابع يديها تتناسب تماما معهما في نعومة فائقة عنقها الطويل‬
‫تتدلى عليه خصلة من شعرها وكالهما ممزوج ببريق قصب املكياج‪.‬‬
‫ً‬
‫أكاد أستطيع تحديد أماكن على جسدها وضعت عليها عطرا‪،‬‬
‫ّ‬
‫جرني غروري إليها وقفت أمامها مشدود الظهر على مسافة قريبة‪،‬‬
‫لم أنبس بحرف اقتربت مني ونطقت بصوت شديد النعومة ‪:‬‬
‫ً‬
‫مرحبا‪ ...‬ليزا‬
‫ً‬
‫هززت رأس ي مومئا برض ى‪ ،‬صمتت لوهلة ثم قلت‪:‬‬
‫كريم‬
‫بدت أنها تريد االستمرار بالحديث لكن قبل أن تنطق أدرت‬
‫ظهري وخرجت ‪.‬‬
‫ً‬
‫كان الحفل ال يعني أبدا حفل تعارف بين أصحاب رؤوس األموال‬
‫ً‬
‫ينتهي بمزاد نشتري منه شيئا ال يستحق ربع قيمته‪ ،‬فقط كي تكون‬
‫ً‬
‫لنا قيمة بين الحضور ولنثبت حجم ثرائنا‪ ،‬إنه ال يعنيني أبدا وثروتي‬
‫سريعة املنال‪.‬‬
‫خرجت إلى سيارتي املرسيدس التي جئت أستعرضها وقدت‬
‫ً‬
‫بهدوء وصمت شديد إلى شاليه ريفي في منطقة جبلية‪ ،‬شربت كأسا‬
‫‪111‬‬

‫من الويسكي وأنا أوقد موقد الحطب‪ ،‬ارتديت بجامة خفيفة‬
‫وجلست أدخن أمام النافذة ثم غفوت على الكرس ي الهزاز‪.‬‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫لم أغف إال قليال حتى رن هاتفي النقال لم أكترث ثم عاد الرنين‪...‬‬
‫ً‬
‫صمت قليال ثم رنة ثالثة من ذلك املتصل أجبت‬
‫هلو‬
‫ً‬
‫_ مرحبا سيد كريم (إنه صوتها) أنا ليزا كنت أتساءل إن كان‬
‫باإلمكان زيارتك في مكتبك أنا أعمل كمديرة عالقات عامة في شركة‬
‫االستثمار العقاري ونحن بصدد بناء منتجع صيفي وشتوي وقد‬
‫علمت من الشخص الذي أعطاني رقم هاتفك أنك تملك أوتيل هل‬
‫لي‪...‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫_غدا صباحا عند العاشرة في مكتبي سأرسل لك العنوان في‬
‫رسالة‪.‬‬
‫نسخت عنواني من رسالة نصية ولصقته في أخرى أرسلته لها‬
‫جاء رد سريع‪.‬‬
‫ً‬
‫_أنتظر غدا بحماس‪.‬‬
‫أرسلت لها إشارة تعجب‪.! :‬‬
‫وردت ّ‬
‫علي بوجه مبتسم ‪ :‬طاب مساؤك‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫ً‬
‫في اليوم التالي استيقظت عند العاشرة والربع‪ .‬جسدي كان ثقيال‬
‫كان الطباخ قد أعد قهوتي ومررته خادمتي الخمسينية جوليت‪،‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وضعتها على طاولة الصالون‪ .‬أخذت حماما سريعا شربت قهوتي‬
‫ً‬
‫وصلت عند الحادية عشرة إلى مكتبي وكنت قد نسيت تماما موعد‬
‫ليزا حتى أنني عندما رأيتها في صالة االستقبال سألت نفس ي للحظه‬
‫ماذا تفعل هنا ‪َ ....‬‬
‫وقفت بغضب مكبوت‪:‬‬
‫_هل كل ش يء بخير سيد كريم؟‬
‫_آسف على التأخير تفضلي‪.‬‬
‫عال وتبدو عليها سمة‬
‫كانت ترتدي بدلة رسمية نسائية مع كعب ٍ‬

‫ُ‬
‫امل ِجد في العمل‪ ،‬أحترم ذلك أحب أن تزورني صبية جميلة حسناء‬
‫تصغرني بضع سنوات وأن تراني مفتاح نجاح في سيرتها الذاتية‪.‬‬
‫للمال لسان سليط في هذه املدينة‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫أخرجت حاسبها املحمول وعرضت ّ‬
‫علي مشروعا استثماريا‬
‫ً‬
‫يجذب رجال األعمال مؤخرا وهو األول من نوعه في املنطقة‬
‫ً‬
‫والجغرافيا هنا مناسبة تماما‪.‬‬
‫اقترحت أن نزور املشروع‪ .‬قبلت‪ ،‬لكن أحسست شبه متيقن أن‬
‫الذي شدني إليه هو شعرها املشدود رائحة عطرها وأنوثتها املفرطة‬
‫قلت لها ونحن في الطريق ‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫_يجب أن تكوني من أصول شرقية فأنت شديدة الجمال على أن‬
‫تكوني فتاة أجدادها أبناء هذه الجغرافية‪.‬‬
‫ً‬
‫_لم تخطئ تماما والدتي مكسيكية ووالدي من هنا من النمسا‬
‫وأنا أتحدث ثالث لغات بطالقة‪ ،‬أضف إلى هذا أنني اكتسبت بعض‬
‫العادات من هنا وهناك خاصة أنني كنت من أعضاء الفرقة‬
‫ً‬
‫املكسيكية في الكنيسة أثناء دراستي الثانوية وكنت نمساوية تماما‬
‫أثناء دراستي الجامعية فاكتسبت هذا املزيج ‪.‬‬
‫_ال عجب في ذلك نظرتي ال تخيب‪.‬‬
‫وصلنا إلى املشروع وبدأت تشرح لي وتطلعني على التفاصيل املهمة‬
‫وعلى مقدار األهمية العقارية للمشروع وأن أسعار أسهم البورصة‬
‫ً‬
‫ً‬
‫سوف تتضاعف قريبا وكانت منغمسة تماما في هذا الشرح الذي‬
‫يستهويني حتى أنها أجرت بعض املكاملات لتتأكد من بعض األرقام‬
‫وهي في خضم حديثها عن أهمية املوضوع وأنه سيكون تحت إشراف‬
‫ً‬
‫إدارة متخصصة وسوف يجذب الكثير من الناس ويجمع كثيرا من‬
‫الفعاليات‪ ،‬خاصة أن كبار املستثمرين فيه من شركات طيران‬
‫وسياحة‪.‬‬
‫ً‬
‫أشعلت سيجارة وملت إليها قليال‪ ،‬وسألتها بصوت منخفض‬
‫_كم علي أن أدفع؟‬
‫‪114‬‬

‫بدأت تشرح لي عن النسب والدفعات واألمور املالية قاطعتها ‪:‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫محامي الخاص وأنا‬
‫_حددي رقما وتعالي مع العقد إلى مكتب‬
‫جاهز للتوقيع وبهذه املناسبة فلنحتفل سوية في املطعم الصيني هذا‬
‫املساء ‪.‬‬
‫ً‬
‫_عذرا ال أستطيع الخروج مع زبائننا املحتملين ‪.‬‬
‫ً‬
‫_عذرا‪ ،‬ما جعلني زبونك بالدرجة األولى هو أنت‪ ،‬شخصيتك‬
‫وأسلوبك‪...‬‬
‫رحلت دون أن تقول كلمة واحدة وأرسلت لي العقد بعد يومين مع‬
‫ً‬
‫محامي الشركة‪ ،‬كنت أشعر أني ضئيل جدا دنيء النفس خالل‬
‫هذين اليومين ‪.‬‬
‫بعدها أتى العقد فأحسست أننا لم ننته‪ ،‬أو أنني توهمت ذلك‬
‫عندها‪...‬‬
‫قمنا باإلجراءات القانونية كاملة وتم توقيع العقد وتحويل‬
‫األموال بعد جلسة استشارية طويلة مع محاسبي الخاص الذي‬
‫ً‬
‫تحمس جدا‪ -‬هو ومكتبي اإلداري‪ -‬إلى مستقبل ناجح لهذا االستثمار‬
‫على املدى البعيد‪ .‬طلبت من املحاسب أن يأتيني بعنوانها‪ ...‬ذهبت إلى‬
‫ً‬
‫متجر الورود اخترت باقة جميلة ثم اشتريت عطر امن أجود األنواع‪،‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫رجعت إلى منزلي ارتديت جينزا وقميصا‪ .‬وصلت إلى بابها قرعت جرس‬
‫‪115‬‬

‫الباب‪ ...‬نظرت إلي باستغراب شديد ارتبكت أحسست بها سعيدة‬
‫قدمت الورود وقلت لها ‪:‬‬
‫_اآلن انتهينا من العمل‪ ،‬هل لي باصطحابك إلى عشاء سيدتي؟‬
‫ً‬
‫صمتت قليال ثم أجابت ‪:‬‬
‫ً‬
‫مساء‬
‫_عند التاسعة‬
‫ً‬
‫عند التاسعة تماما كنت عند بابها‪ .‬ثم خرجنا حدث كل ش يء‬
‫بسرعة بعد العشاء أوصلتها شعرت بطاقة تخترق رأس ي كنت أريد أن‬
‫ً‬
‫أعود إليها حتى أنني وقفت قليال في الطريق شردت بتفاصيل‬
‫الحديث‪ ...‬والدها رجل األعمال هي مديرة عالقات عامة هنالك حلقة‬
‫تائهة بين األب وابنته‪.‬‬
‫إن لم يكن هو نفسه صاحب املشروع علي أن أتحرى أسماء‬
‫الشركات املساهمة في املشروع أو ربما أسالها مباشرة‪...‬‬
‫أمها املكسيكية ستعود بعد أسبوع أريد أن أرى املرأة التي هرمت‬
‫التي أنجبت هذا السحر الذي أغواني إلى عشاء في هذه الليلة‪.‬‬
‫ً‬
‫كنت متحمسا كمن ضاع بسحرها‪ ،‬شعرت بأنها أعجبت بفكرة‬
‫أصولي العربية وكيف أني بدوت لها في مظهر العصامي‪ ...‬أنتظر‬
‫الصباح علي أكلمها ثانية ‪...‬‬
‫‪116‬‬

‫هي ليزا‪ ،‬لربما جزء من هذا الضياع الذي ال ينتهي‪ ،‬هي اليوم‬
‫فاتحة يوم جديد في العمر‪ ،‬صباح بعد تعب‪ ...‬لم أنم تلك الليلة‪...‬‬
‫عم أبحث ‪...‬؟‬
‫عن ّأم‪ ..‬أم وطن؟‬
‫عن زاوية ما ألقي فيها كهلي املبكر وأنطلق بشباب جسدي الذي‬
‫بدأت أشعر أنه سئم من حمل روحي هذه‪...‬‬
‫عدت إلى الشاليه‪ ،‬شربت قهوة تركية ثقيلة‪ ،‬ودخنت بعض‬
‫سجائر املالبورو الـأحمر‪ ،‬رميت كل ما في جيوبي على الطاولة مددت‬
‫قدمي على نفس الطاولة ثم غفوت غفوة نائم صاح‪ ،‬رأيت نفس ي‬
‫أعانق أمي وأعطيها الكثير من املال وهي رمت مالي وجرتني إلى غرفتي‬
‫بأثاثها القديم نفسه أعطتني ساعتي القديمة وسوار جنى نعم جنى‪...‬‬
‫ما الذي أتى بجنى ‪.‬‬
‫ثم سرت معها في شوارع البندقية واستيقظت على صرير باب‬
‫الصالون يقفل بهدوء ثم صوت رسالة نصية‬
‫_كانت ليلة جيدة عمت ً‬
‫مساء‬
‫ً‬
‫هذيت بصوت ماركوس يناديني ولم أفهم شيئا‪ ،‬تفقدته في غرفته‬
‫ً‬
‫قبلته بهدوء كان نائما ثم أخذت حمام املساء ونمت بعمق شديد‬
‫حتى الثانية عشرة في اليوم التالي‪...‬‬
‫‪117‬‬

‫شربت قهوتي وأخرجت ورقة من طابعة مكتبي وسجلت عليها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫_مشروع املنتجع‪ ...‬كلم املحامي‪.‬‬
‫_زيارة إلى امستلفين‪ ...‬تفقد أوضاع العمل‪.‬‬
‫_أهاتف كاترين ‪.‬‬
‫ثم إن وجهك لم يفارقني حتى على الجدار األبيض املقابل لي‪...‬‬
‫ً‬
‫أكتب هذا‪...‬أنا في مأزق ما مع فتاة ما مجددا ‪.‬‬
‫أخذت هاتفي طلبت رقمها ردت في رسالة ‪.‬‬
‫ً‬
‫_أنا في اجتماع أكلمك الحقا هل كل ش يء على ما يرام‪.‬‬
‫_ال سيدتي أنا لست على ما يرام‪.‬‬
‫_هل تحتاج مساعدة ما ؟‬
‫_نعم‬
‫_كيف ذلك؟‬
‫_أرسلي لي رسالة نصية بعد االجتماع‪.‬‬
‫ً‬
‫_حسنا قابلني في مكتبي بعد ‪ 20‬دقيقة‪.‬‬
‫خرجت لها ببدلة بريوني كحلية اللون ركبت سيارة املرسيدس‬
‫ً‬
‫وضعت عطرا لم أعتن بشعري أو ذقني خرجت وفقط ‪.‬‬
‫‪118‬‬

‫دخلت مكتبها بل إنني بطريقة ما اقتحمته جلست خلف طاولتها‬
‫وتجاهلت عباره (ممنوع التدخين) أشعلت سيجارة واستعملت‬
‫محبرة للديكور لتكون منفضة مؤقتة‪ ،‬دخلت ليزا وصرخت سيد‬
‫كريم أتيت‪ً ...‬‬
‫رجاء اطفئ السيجارة وافتح الشباك‪ .‬تجاهلت ذلك‬
‫ً‬
‫وأخذت قلما وورقة وكتبت‬
‫ً‬
‫لم أر مثلك أثيرا لم أقع في بحر قط‪ ،‬لم أعرف نساء لم أعرف‬
‫نفس ي التي أكتشف اليوم هنا عندك أنت ليزا أريدك‪ ...‬أريدك اآلن‬
‫أريدك معي‪ ...‬طويتها وتركتها على لوحه مفاتيح كمبيوترها املحمول ‪.‬‬
‫ً‬
‫لم أنتظرها خرجت متوجها إلى ماركوس‪ ،‬اصطحبته إلى‬
‫امستلفين استمتعنا بموسيقا الطريق وحكاياتنا التي تضفي عليه‬
‫الكثير من البهجة‪ ،‬رن هاتفي إنها ليزا لم أجب أكملت الطريق‪.‬‬
‫في املساء رن ثانية كنت قد تركته على طاولة السرير ثم أنني لم‬
‫ً‬
‫أالحظه حتى الصباح التالي كان يومي الثاني مكتظا بين عمل‬
‫وماركوس وكان علي إيصاله ليرى سالم ‪.‬‬
‫صافحتها لم أشعر بوجودها حتى‪.‬‬
‫كيف الناس تعطى نعمه النسيان هكذا‪...‬أشعر باختالل ما‬
‫يترافق مع نرجسية من نوع آخر عدت إلى عملي وعند السابعة زارني‬
‫‪119‬‬

‫ً‬
‫ً‬
‫رفاق قدامى وجرى حديث طويل لبثنا معا حتى وقت متأخر جدا‪...‬‬
‫كان ّ‬
‫علي أن أحادث ليزا ‪.‬‬
‫في صباح اليوم التالي طلبت رقمها رن الهاتف وأجابتني‪...‬‬
‫_سيد كريم هل هذه لعبة األغنياء! على صعيد العمل لقد انتهينا‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تماما وعلى الصعيد الشخص ي أنت شخص مستفز جدا أشعر بأنك‬
‫بحاجة إلى إعادة تأهيل وتقييم لعالقاتك مع األشخاص كيف لك أن‬
‫تصبح على هذا الدرجة من االستفزاز‪ ،‬تصرفك غير مسؤول وأنا‬
‫أحاول محادثتك ليومين على التوالي‪...‬‬
‫_على صعيد تأثيرك‪ ...‬مساؤك جمال سيدتي‬
‫ً‬
‫_هل لك أن تكون جادا بعض الش يء ثم أنك‪...‬‬
‫انتهت املكاملة وأقفلت الخط‪.‬‬
‫وضعت هاتفي على الطاولة أعددت قهوة ثقيلة ووضعت‬
‫الفنجان بجانب هاتفي تأملته بصمت فتحت رسالة جديدة لها‬
‫وكتبت‪:‬‬
‫ً‬
‫_عطرك يمأل املكان صوتك في املرة األخيرة كان هادئا وكنت أنيقة‬
‫ً‬
‫جدا ثم أنك مثيرة لالهتمام بنظري أو هل أستطيع محادثتك أو‬
‫مراسلتك بوقت تكونين فيه بمزاج أفضل‬
‫‪120‬‬

‫_ال تراسلني‬
‫ً‬
‫_حسنا سأكلمك‬
‫!!_‬
‫_أكاد أرى اهتمامك‬
‫_أنت مخدوع بنفسك‬
‫فيك‬
‫_وربما مخدوع ِ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وضعت هاتفي جانبا ارتديت شيئا خفيفا توجهت إلى املطار‪...‬‬
‫ً‬
‫في الطريق كنت ألوم نفس ي على كل ش يء‪ ،‬كل ش يء تماما أتصرف‬
‫بطيش كبير‪ ...‬أسعى دون أهداف شخصية أتكبد عناء السفر من‬
‫هولندا الى النمسا ألقابل فتاة‪ ...‬إهمالي قادها لتنبذني‪.‬‬
‫وصلت بابها في وقت متأخر‪ ،‬أحمل في يدي اليسرى فنجان قهوة‬
‫سريعة وفي اليمنى وردة بيضاء‪ ...‬طرقت الباب‪ ...‬رأتني من جهاز‬
‫االنترفون ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫_ما الذي أتى بك؟ أنت مشغول جدا لكي تأتي اآلن عوضا عن‬
‫الصباح؟‬
‫_آسف كنت أنوي املجيء منذ أغلقت الخط لكن املسافة بعيدة‬
‫من هولندا إلى هنا‪...‬‬
‫‪121‬‬

‫_هولندا!‬
‫_نعم هذه عودتي من املطار لم أجد رحلة أقرب من هذه ثم إنه‬
‫في يدي فنجان قهوة ووردة جئتك بقهوة‪...‬‬
‫سمعت صوت قفل الباب اآللي ثم صوتها على الدرج املقابل‬
‫للباب‪:‬‬
‫ً‬
‫_من املعيب أن نرجع أحدا من الباب في عاداتنا‪...‬‬
‫_اخترت لك أمريكانو سادة‬
‫ً‬
‫_أنت لست جادا‬
‫ً‬
‫_لم أكن يوما على أي حال‬
‫ً‬
‫_قل لي ما تريد سريعا من فضلك‬
‫_عندي تاريخ وقصيدة وروح متعبة وحلم كبير بصيف ال ينتهي‪...‬‬
‫كانت قد وصلت الباب‪ ،‬نظرت إليها تأملتها‪ ...‬صندل صيفي فوقه‬
‫َ‬
‫دبابيس فيه‪.‬‬
‫شورت وكنزة خفيفة شعرها مجدول إلى الخلف وتضع‬
‫توجهت إلى الصالة ‪.‬‬
‫_تفضل ‪.‬‬
‫جلست ثم قالت‪:‬‬
‫‪122‬‬

‫سيد كريم لقد أنجزنا صفقة مهمة‪ ،‬تحرشاتك باتت مزعجة‬

‫ً‬
‫جدا‪ ،‬فلنوضح األمر على الشكل التالي تقابلنا في مزاد علني‪ ،‬حصلت‬

‫على رقم هاتفك من رجل أعمال آخر‪ ،‬وعقدنا صفقة ثم قبلت‬
‫مجاملة دعوتك وانتهى األمر‪ ...‬ثم إن رسالتك في مكتبي خدعتني‬
‫ً‬
‫لوهلة لكني عندما توغلت في أفكاري عنك تيقنت تماما أنك شخص‬
‫خاطئ ثم أني‪...‬‬
‫قاطعتها‪ .‬وقفت وأمسكت يدها اليمنى بيدي اليسرى وأعطيتها‬
‫الوردة وشكرتها على االستقبال ثم أجلستها على الكرس ي‪ ...‬جلست‬
‫بهدوء كانت ترمقني بعينيها العسليتين الواسعتين تأملت رقبتها‬
‫الالمعة وعظام ترقوتها البارزة ثم جلست بجوارها وقلت ‪:‬‬
‫_ أنا معجب بك على الرغم من أني مللت النساء على الرغم من‬
‫هذه الشخصية الناجحة التي ترينها لكني أمض ي بال هدف علك تريني‬
‫ً‬
‫هدفا ما‪ ،‬إني كتائه يبحث عن نفسه بمكان ما‪ ...‬بشخص ما‪ ...‬بفكرة‬
‫ما‪.‬‬
‫وقفت بهدوء وقالت بصوت ناعم‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫_شكرا على الوردة وشكرا على الزيارة املتأخرة‪.‬‬
‫ً‬
‫وقفت ومشيت نحو الباب‪ ...‬شعرت أنه بعيد جدا ثم ذهبت‪...‬‬
‫‪123‬‬

‫ً‬
‫عملت كثيرا في األيام التي تلت ذلك‪ ،‬أشغلت نفس ي بأمور كثيرة‬
‫كي أنس ى هذه اإلهانة ودققت بأتفه تفاصيل األمور كي أشغل عقلي‬
‫عنها‪.‬‬
‫ً‬
‫ومض ى أسبوع بعدها لم أكلمها ولم تحدثني أبدا‪.‬‬
‫ً‬
‫في األسبوع التالي كنت مارا بسيارتي بشارع مليء باملحالت‬
‫التجارية ملحتها‪ ...‬وقد دخلت إلى محل مالبس ركنت سيارتي على‬
‫عجل ونزلت إلى محل هدايا مقابل للشارع‪ ...‬صدفة رأيت أول ش يء‬
‫ً‬
‫في املحل دمية كبيرة على هيئة فتاة تشبهها كثيرا‪ ،‬لون الشعر ذاته‬
‫نفس تفاصيل الجسم‪ ...‬اشتريتها ودخلت ذلك املحل الذي اختارته‪،‬‬
‫كانت تقلب البضائع وتتجول باملتجر‪.‬‬
‫عندما دخلت التفتت نحوي فقلت ‪:‬‬
‫ً‬
‫_وجدت هذه الدمية أمامي إنها تشبهك كثيرا أردت أن أعطيك‬
‫إياها ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫_شكرا سيد كريم ضعها جانبا أنا مشغولة اآلن نتحدث الحقا‪.‬‬
‫أحسست بش يء مر في فمي وبإهانة أخرى ‪.‬‬
‫أعطيتها الدمية شكرتني ثانية وذهبت‪...‬‬
‫كنت أحب الطريقة التي تلفظ بها اسمي بشكل صحيح على الرغم‬
‫من ذلك‪.‬‬
‫‪124‬‬

‫ً‬
‫وصلت سيارتي‪ ،‬جلست مشابكا يدي أحسست بخجل كبير من‬
‫ً‬
‫نفس ي كيف أتعامل هكذا مع سيدة وماذا أريد منها أصال؟‬
‫استجمعت قواي وقدت بشكل عصبي وصلت إلى الشاليه‬
‫وعندما دخلت من الباب شعرت أنني أرى نفس ي ألول مرة في تلك‬
‫املرآة املوجودة في مدخل البيت تأملت وجهي شعرت أني خرجت من‬
‫نفس ي‪ .‬كانت عيناي العسليتان الواسعتان متعبتين ولحيتي قد نمت‬
‫ً‬
‫قليال بعد أن نسيتها عدة أيام بال تشذيب (طاملا أحبتها النساء) أشتم‬
‫ً‬
‫رائحة عطري‪ ،‬خارت قواي تماما جسدي الطويل منهك‪ ،‬ال أصفف‬
‫شعري عادة يصفف نفسه بنفسه‪ ،‬مشيت بثقل إلى غرفتي تمددت‬
‫على السرير بشعور س يء‪ ،‬تأملت سقف الغرفة وغفوت‪ ...‬اثنتا‬
‫عشرة ساعة‪.‬‬
‫عندما استيقظت وجدت الكثير من االتصاالت الفائتة على‬
‫ً‬
‫هاتفي‪ ...‬ماركوس قد اتصل كثيرا‪ ،‬ورسالة منه ورسالة منها‪ ...‬فتحت‬
‫ً‬
‫رسالتها أوال‪.‬‬
‫ً ً‬
‫ً‬
‫_شكرا على الدمية لكن تصرفك لم يكن الئقا أبدا رجاء حاول‬
‫أال تزعجني ثانية‪.‬‬
‫فتحت رسالة ماركوس‪:‬‬
‫ً‬
‫_أبي مض ى يومان هل كل ش يء على ما يرام إنني قادم غدا‬
‫اشتقت لك‪.‬‬
‫‪125‬‬

‫نهضت بجسدي الثقيل ذهبت إلى مكتبي‪ ،‬كانت جوليت قد‬
‫أعدت القهوة ووضعتها في مكانها أخذت ورقة بيضاء وكتبت باللغة‬
‫الفرنسية‪:‬‬
‫_أنا يا سيدة أحتاج إلى الحنين‪ ...‬الكثير من الحنين‪...‬‬
‫ثم وضعت فنجان قهوتي فوق الورقة أشعلت سيجارة وبدأت‬
‫ً‬
‫بشراهة أجري اتصاالت عمل متراكمة لدي‪ ،‬وبعد ساعة تقريبا رميته‬
‫ً‬
‫جانبا وقلت لجوليت‪:‬‬
‫_اجلبي ماركوس لي‪.‬‬
‫حضرت له كل ما يحب وبعد نصف ساعة جاءت جوليت وقالت‪:‬‬
‫_قمت بجميع اإلجراءات سوف يصل مساء‪.‬‬
‫استقبلته بحب شديد وبعدها قلت له ‪:‬‬
‫_هذان اليومان ملكك‪ ،‬كل ش يء تريده فيهما هو لك‬
‫ً‬
‫ذهبنا إلى املسبح‪ ،‬اشتريت له جيتارا جديد ومالبس‪ ،‬ذهبنا إلى‬
‫مطعم صيني مشهور في جنيف‪ ،‬تسابقنا بمعلومات نعرفها عن‬
‫النبيذ‪ ،‬كالنا ال يعرف الكثير‪ ،‬نحن لسنا جنيفيين وال هولنديين وال‬
‫ً‬
‫عربا‪ .‬نتكلم األملانية والفرنسية والهولندية وال نمت لهم بصلة‪،‬‬
‫نعيش طليقين كحصاني سباق‪ ،‬نعيش حرية الضياع قيد الالمكان‬
‫هوية دون منشأ‪ ،‬ومنشأ ضاعت هويته‪ ،‬نعيش كل الحب الذي‬
‫‪126‬‬

‫نبحث عنه‪ ،‬نبحث عن أنفسنا بين كل نجاحاتنا ثم نثبت ونمض ي‪...‬‬
‫نمض ي دون ثبات ثم ننام منهكين ونستيقظ بطاقات جديدة بدون‬
‫مصدر‪ ،‬ونعيد الكرة بطريقة جديدة ‪.‬‬
‫ً‬
‫بعد أن انتهى هذان اليومان كنت جالسا مساء على طاولة‬
‫املشروب في منزلي أمامي كأس الويسكي وسيجارتي‪.‬‬
‫عادة ما تأخذني جلساتي مع نفس ي والكأس ملساحة أخرى‬
‫لتعطيني بعض السكينة كي أستجمع أفكاري‪ ،‬بل إنها وبصورة ما‬
‫ً‬
‫طقس البد منه عدة مرات في األسبوع إن لم يكن يوميا‪ ،‬وعادة ما‬
‫أشعر بترابط ما بين الكوهيبا والبالك ليبل لكنني اليوم بالذات‬
‫ً‬
‫أشعر أنهما ضيفين ثقيلين على مسائي وكأن شيئا ما يدفعني ألترك‬
‫هذه الغرفة وأمض ي‪ ،‬أستغرب كيف أفقد الشعور بهذين الرابطين‪،‬‬
‫هناك عالقة وثيقة طويلة األمد فيما بيننا أحسست أنني أرفضهم‬
‫بشدة‪ ،‬ش يء ما من ضياعي يقول لي أن أنهض ‪.‬‬
‫إلى أين؟‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ارتديت حذاء رياضيا وخرجت إلى الحديقة الواسعة متأمال‬
‫شجيرات الزينة كيف صففت بدقة شديدة وأن البستاني البد أنه‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وضع كل طاقته وكل ما أوتي من ذوق وأضاع نهارا كامال بتشذيبها‬
‫ً‬
‫وسقايتها حتى تبدو طازجة ومرتبة بهذا الشكل‪ ،‬لكني الحظت غصنا‬
‫‪127‬‬

‫وقد فلت منه‪ .‬مشيت إليه على البالط شبه الجاف‪ ،‬قصمته‪،‬‬
‫ووضعته بين أصابعي وذهبت إلى الباب الحديدي املطل على الشارع‬
‫ً‬
‫تحت عمود اإلنارة األسود تماما‪ ،‬فتحت البوابة شعرت بالحديد‬
‫البارد ينعشني‪ ،‬كيف لي أن أعيش هنا لسنوات ولم أفتح بابه مرة!‬
‫مشيت إلى الطريق الجبلي املعبد بدقة‪ ،‬أخذت نظرة بعيدة على‬
‫الشارع املنار بأعمدة طويلة‪ ،‬كان اإلسفلت يلمع وكأنه قد غسل اآلن‬
‫ً‬
‫والهواء منعش جدا بدأت أمش ي بخطوات بطيئة وبتسارع ضئيل ثم‬
‫مشيت ومشيت‪....‬‬
‫حتى لم أعد أرى املنزل خلفي‪ ،‬جلست بجانب الطريق‪ .‬أخرجت‬
‫هاتفي وبحثت عن اسم ليزا وكتبت رسالة لها‪:‬‬
‫_أيتها املشاكسة البعيدة القريبة أخذتني من نفس ي‪.‬‬
‫وكتبت رسالة أخرى‪:‬‬
‫_أنا جالس على طريق جبلية على صخرة بيضاء أتأمل املدينة‪،‬‬
‫أرى آالف األضواء وتحت كل ضوء هنالك قصة وحلم‪ ،‬متيقن أنك‬
‫هناك في مكان ما‪ ،‬تجلسين ربما مع أحد ما ال أخطر لك على بال‪،‬‬
‫ً‬
‫ترتدين بيجامة رياضية ضيقة وحذاء رياضيا أو تتنقلين بسرعة بين‬
‫محال تجارية عاملية إلضاعة الوقت ولتغذية أنوثتك بكل حال أنت‬
‫أكثر من أنثى ‪.‬‬
‫ثم رسالة أخرى‪:‬‬
‫‪128‬‬

‫ً‬
‫_إن رأس ي فارغ تماما‪.‬‬
‫وصلتني رسالة منها ‪:‬‬
‫ً‬
‫_غدا سيكون املشروع قد أتم ‪ %25‬من العمل لذا هنالك اجتماع‬
‫مجلس إدارة أرجو أن تحضر‪ ،‬عمت مساء‪.‬‬
‫_ أخبرني وكيل أعمالي وسيتولى األمر‪.‬‬
‫ً‬
‫_ سأكون هناك غدا في الثانية عشرة‪.‬‬
‫ً‬
‫حضرت االجتماع متأخرا كالعادة‪ ،‬كان وكيل أعمالي قد تولى‬
‫ً‬
‫مسبقا كل األمور القانونية‪.‬‬
‫قبل انتهاء االجتماع بربع ساعة بحلتها السوداء وكعبها العالي‬
‫ً‬
‫اقتربت مني وقالت بصوت خافت وبدت أنها جادة جدا أو تناقش‬
‫قضية مهمة مرتبطة بالعمل ‪:‬‬
‫ً‬
‫هناك محل كرواسان جديد قد افتتح أنا أتضور جوعا‪.‬‬
‫لم آت بأي ردة فعل ‪.‬‬
‫وعند انتهاء االجتماع خرجنا من القاعة الواسعة وكنت آخر من‬
‫ً‬
‫خرج تقريبا وكانت ليزا ما تزال في الداخل انتظرتها عند الباب‬
‫وأشعلت سيجارة وحادثت وكيل أعمالي‪ ،‬طلبت منه أن يرسل‬
‫ً‬
‫ملخصا لالجتماع على البريد اإللكتروني الشخص ي‪ .‬عندما انتهيت من‬
‫‪129‬‬

‫املكاملة مشت ليزا ببطء إلى الخارج كأنها مترددة أن تقف إلى جانبي‬
‫وعندما اقتربت كفاية قلت لها ‪:‬‬
‫_تفضلي سيدتي أنا ال أعرف املحل‪.‬‬
‫ً‬
‫مشينا معا إلي سيارة الرنج روفر رباعية الدفع توجهنا بشكل ال‬
‫إرادي إلى مطعم آخر توقفت في املوقف الخاص باملطعم قلت لها ‪:‬‬
‫_لقد تأخر الوقت على الكروسان لنتناول وجبة دسمة‪.‬‬
‫دخلت وكانت أمامي‪ ،‬راقبت مشيتها الواثقة‪ ،‬وأعجبت بكعبها‪،‬‬
‫ظهرها‪ ،‬وكتفيها الصغيرين وأغازل شعرها بعيني‪ ...‬أجلستها إلى‬
‫ً‬
‫الطاولة ثم جلست‪ ،‬نظرت بعينيها مباشرة‪ ،‬لم أتكلم أبدا لكن طاقة‬
‫ما كان تدفعني ألنهض وأقبلها ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫َ‬
‫أخذت نفسا عميقا وبادلتني النظرة املباشرة بطريقة أحسست‬
‫أنها على وشك مهاجمتي ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫أطلقت نفسا عميقا ثم قالت ‪:‬‬
‫ً‬
‫_اسمع لطاملا كنت وقحا‪ ،‬ولكنك بطريقة ما تصر على التواصل‬
‫ً‬
‫ً‬
‫معي وأنا ال أخفيك سرا أن هناك شيئا ما يشدني إليك بوسط هذه‬
‫األفكار املتراكمة وأنا غير قادرة على اتخاذ موقف واضح مع نفس ي‬
‫‪130‬‬

‫تجاه كل ما حدث فقررت أن آتي بفرصة ثانية لكلينا وعلها فرصة‬
‫أولى ال أعرف ‪.‬‬
‫ً‬
‫_حسنا ماذا تأكلين؟ أنا سوف أطلب شريحة لحم مع نبيذ أحمر‬
‫ربما تطلبين أنت كوردون بلو ألنها تليق بشخصيتك أو كروسان‬
‫كونك تتناولين اإلفطار عند الثانية‪.‬‬
‫_سأكتفي بشوربة الفطر ‪.‬‬
‫قالت ذلك بعد أن توترت مالمحها ‪.‬‬
‫ً‬
‫عندما أتى الغداء بدأت باألكل وبعد قليل أوقعت قليال من‬
‫الحساء على الصحن كانت تحاول أن تمسح ما وقع وتزيل توترها‬
‫معه‪ ،‬قلت لها ألخفف من حدة التوتر‪.‬‬
‫ً‬
‫_تملكين سحرا ال أستطيع مقاومته وال وصفه‪ ،‬هل أستطيع أن‬
‫أشرب معك فنجان قهوة في الشاليه عندي؟‬
‫ً‬
‫ً‬
‫نظرت نحوي كان بريق عينيها جميال وأحمر شفاهها يلمع أيضا‬
‫وكانت تجلس بطريقة أنثوية جميلة‪.‬‬
‫أخذت ملعقة أخرى من الشوربة ثم وضعت امللعقة وأرجعت‬
‫ظهرها على الكرس ي بارتياح‪.‬‬
‫_فقط قهوة‪ ...‬ال تعبث ‪.‬‬
‫‪131‬‬

‫_ نعم وقليل من البسكويت‪ ...‬ليست جيدة وحدها‪.‬‬
‫ً‬
‫في الطريق بدت مرتاحة جدا‪ ،‬كنت مشدود األعصاب كاملقدم‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫على خطيئة ما‪ ،‬أو علها مقاضاة الذات‪ ،‬كيف أنني كنت مرتبطا‬
‫بفتاة قبلها واآلن أقفز إلى أخرى‪ ،‬ال أعلم إلى أين نحن ماضون‪ ،‬وإن‬
‫ً‬
‫لم نمض فهو مطب آخر‪ ،‬على أي حال لم أكن يوما من عشاق‬
‫التنقل ما بين أنثى وأخرى ألنه بنظري أن األنثى بحد ذاتها أو األنوثة‬
‫ً‬
‫بشكل خاص هي مفهوم آخر‪ ،‬بل ربما ترتقي لتكون بعدا آخر في‬
‫ً‬
‫جنسنا البشري‪ُ ،‬يمكن المرأة واحدة ُت ّ‬
‫قدر أنوثتها جيدا أن تأخذك‬

‫ً‬
‫ً‬
‫لعالم آخر حتى لتشعر أنك في مكان جديد تماما ال تعرفه مسبقا‪،‬‬
‫ُ‬
‫وإن استحق األمر‪ ،‬قد تذهب معها إلى ُبعدك غير املكتشف وتعيد‬

‫ً‬
‫النظر في غالبية مفاهيمك عن أي ش يء وبأبعاد جديدة تماما‪.‬‬

‫فكرة االرتباط بحد ذاتها وإن كانت صحيحة وعلى املعايير‬
‫ً‬
‫املناسبة تماما وهي وجود الذات الناقصة مكتملة بذات أخرى وهذا‬
‫ينطبق على الجنسين إن صح هو كرجل‪...‬‬
‫كانت جالسة بجانبي متكئة على أريكه السيارة‪ ،‬وضعت حزام‬
‫األمان‪ ،‬شعرت بجمالها األخاذ حتى أنني لوهلة خطر لي أن مصمم‬
‫هذه السيارة صممها لتجلس واحدة تشبهها أو باألحرى هي ذاتها‪...‬‬
‫‪132‬‬

‫ً ً‬
‫ً‬
‫انطلقنا نحو البيت الجبلي كنت أيضا مرتاحا جدا ثم فجأة‬
‫توترت‬
‫كانت تتمتم مع أغنيه ”‪amy macdounald “this is the life‬‬
‫ً‬
‫بدأت أدندن معها ثم عال صوتانا لنغني األغنية معا‪...‬‬
‫ً‬
‫ً ً‬
‫وصلنا للشاليه وكنت متفائال جدا‪( ...‬حقا إن كل تفصيل صغير‬
‫ً‬
‫ً‬
‫يترافق مع نشاط ما يضفي عليه روحا وطابعا) دخلنا من الباب‬
‫األمامي ثم إلى بهو املنزل ثم إلى الطابق العلوي فالتراس املطل على‬
‫سفح الجبل‪...‬‬
‫إنها الخامسة مساء والشمس تغرب مع نسمة جبلية باردة وهدوء‬
‫ً‬
‫كبير‪ ...‬جلسنا حول الطاولة الخشبية املصنوعة يدويا على كرسيين‬
‫ً‬
‫مريحين جدا وخالل دقائق أتت جوليت بالقهوة مع قطع شوكوالتة‬
‫سويسرية من النخب األول‪ ،‬ولكسر الهدوء وضعت موسيقا‬
‫كالسيكية‪.‬‬
‫تحدثنا عن بعض العادات التي يمارسها النمساويون‬
‫والهولنديون والفروقات فيما بينهما ثم جرنا الحديث إلى االقتصاد‬
‫األوروبي وحسنات وسيئات اتحاد العملة وتاريخ أملانيا وتأثيرها على‬
‫املجتمع األملاني الحالي‪.‬‬
‫‪133‬‬

‫ً‬
‫حدثتها قليال عن بلدي األم وكيف وصلت إلى أوروبا وإنني بطريقة‬
‫ً‬
‫ما أصبحت أحد رواد األعمال على مستوى ليس بسيئ بل جيد جدا‪..‬‬
‫حدثتني عن والدتها املكسيكية وأنها اآلن في املنزل وأنه يجب علي‬
‫أن أستمع لها عندما تتكلم عن لحظة لقائها األول بوالدها في‬
‫الواليات املتحدة عندما كان في ميامي ألول إجازة له مع عائلته حيث‬
‫صادفها في مطعم مكسيكي تعمل به‪.‬‬
‫حين وقعت عيناه عليها أحبها وهام بها‪ ،‬وعلم أنه وجد شريكة‬
‫حياته ‪.‬‬
‫وكيف أنه بعد فترة ال تتجاوز أسبوع تركت عملها وأمضت الوقت‬
‫معه في إجازته‪ ،‬وعاد بعد ثالثة أشهر‪ ،‬عاشوا قصة حب جميلة ‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم قررا أن يأتيا معا إلى النمسا‪.‬‬
‫قالت لي‪:‬‬
‫ً‬
‫هي دائما تأتي على هذا الحديث وكأنها ترويه للمرة األولى‪ ،‬أو كأنها‬‫التقت بأبي البارحة هذا وإن دل على ش يء يدل على أن العالقة منذ‬
‫اللقاء األول كانت في أفضل مستوياتها‪.‬‬
‫بعد أن أنهينا القهوة أطلعتها على املنزل بشكل عام ثم وصلنا إلى‬
‫غرفة التسلية التي تحوي هواية مشتركة لكلينا وهي التنس‪ ،‬حين رأت‬
‫‪134‬‬

‫ً‬
‫ً‬
‫املضارب معلقة جانبا‪ ،‬اتفقنا أن نذهب لنلعب سويا ولكن بما أن‬
‫كالنا مبتدئ تبرعت ليزا بأن تأتي بمدرب ‪.‬‬
‫انتهت األمسية بكوب من الشاي في الصالون السفلي وكنت في‬
‫هذه األثناء أتناقش معها رواية ‪ 1984‬لجورج أوريل والخلود مليالن‬
Вы прочитали 1 текст из Арабский литературы.
Следующий - ‫‪ 48‬ثانية‬ - 5
  • Части
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 1
    Общее количество слов 4586
    Общее количество уникальных слов составляет 2224
    21.9 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    34.2 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    41.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 2
    Общее количество слов 4660
    Общее количество уникальных слов составляет 2228
    22.6 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    35.9 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    42.3 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 3
    Общее количество слов 4644
    Общее количество уникальных слов составляет 2159
    22.7 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    35.4 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    42.6 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 4
    Общее количество слов 4571
    Общее количество уникальных слов составляет 2302
    20.9 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    33.9 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    40.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов
  • ‫‪ 48‬ثانية‬ - 5
    Общее количество слов 3865
    Общее количество уникальных слов составляет 1935
    23.2 слов входит в 2000 наиболее распространенных слов
    35.8 слов входит в 5000 наиболее распространенных слов
    42.7 слов входит в 8000 наиболее распространенных слов
    Каждый столб представляет процент слов на 1000 наиболее распространенных слов