أحلام الملكة النائمة - 5

‫اكتشفنا امللمس النحايس البارد‪ .‬بدأ اخلوف ّ‬
‫ترسب ببطء إىل قلبينا‪.‬‬
‫كان الصمت اخلارق قد ّ‬
‫أشار أخي فجأة إىل شخص بعيد يف هناية الشارع ورصخ‪ :‬إنه‬

‫‪108‬‬

‫أيب!‪.‬‬

‫كان حق ًا أيب! عرفناه من مالبسه‪ .‬أشار لنا بيده بنفس الطريقة‬
‫التي كان يدعونا هبا للعودة إىل البيت حني كنا نلعب يف شوارع‬
‫القرية قبل سنوات مع األطفال بك َُرة الرشاب‪ ،‬جرينا نحوه حتى‬
‫انقطعت أنفاسنا فيام يدي متسك بقوة عىل دمية العسكري الذي‬
‫يتأهب إلطالق النار‪ .‬توقفنا لنلتقط أنفاسنا لنفاجأ بأننا مل نقرتب‬
‫ّ‬
‫من أيب وأنه كان يزداد ابتعادا كلام اقرتبنا من املكان الذي يقف‬
‫يتحول إىل‬
‫فيه‪ ،‬نادى عليه أخي حتى انقطع صوته فيام هو يبتعد‪،‬‬
‫ّ‬
‫نقطة بيضاء صغرية تلوح من عىل البعد‪ .‬تو ّقفت أللتقط أنفايس‬
‫ومتزقت‬
‫لكن أخي سحبني بقوة ألواصل اجلري‪ ،‬سالت دموعنا ّ‬
‫مالبسنا ونحن نطارد نقطة البياض التي استحالت إىل ومضة‬
‫ضوء تع ّلقت بخيوط الرساب‪ .‬ورغم ذلك مل نتوقف عن اجلري‬
‫حتول صوته‬
‫يتوسل إليه أخي بالرصاخ أن يتو ّقف حتى ّ‬
‫والبكاء‪ّ .‬‬
‫إىل فحيح اختلط مع صوت الرياح فاستحال إىل ضجة أشبه بقرع‬
‫الطبول‪ ،‬ورغم ذلك مل يتو ّقف أيب‪.‬‬
‫شعرنا بأنفسنا جزءا من متاهة الرياح التي اكتسحت املدينة‬
‫أص َّمت الضجة آذاننا قبل‬
‫النائمة يف سبات هنار دون حدود‪ ،‬حتى َ‬
‫أن ختفت فجأة ويربز وجه أمي يف ضوء الصباح‪.‬‬
‫انتبهت‬
‫قالت‪ :‬هل ستنامان يوم العيد حتى ترشق الشمس؟‪،‬‬
‫ُ‬
‫يتأهب‬
‫عندها إىل بيتنا ورأيت الدمية الضائعة للعسكري الذي ّ‬
‫إلطالق النار ترقد جوار صدري‪.‬‬
‫قالت أمي‪ :‬متى عثرت عىل لعبتك؟‪.‬‬

‫‪109‬‬

‫قلت‪ :‬مل أعثر عليها أنا!‪.‬‬

‫قالت أمي‪ :‬ومن الذي عثر عليها؟‪.‬‬

‫دت قليال قبل أن أقول‪ :‬عثر عليها الشيطان!‪.‬‬
‫تر ّد ُ‬

‫تركَتني أمي وأنا أسأل‪ :‬هل يوجد شياطني طيبون؟‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫زول ط ّيب‬

‫كان حاج عبداهلل جيلس وحيدا فوق ّتل الرمال أمام دكان‬
‫املمزقة األطراف‪ ،‬ووجهه‬
‫حاج سليامن‪ .‬يبدو بطاقيته احلمراء ّ‬
‫اجلاف ببقايا الشلوخ التي اختلطت مع جتاعيد الوجه بسبب‬
‫الفاقة والزمن‪ ،‬وجلبابه الطويل الذي مل يعد له لون حمدّ د‪ ،‬والذي‬
‫خيفي قدميه‪ ،‬مثل شجرة غريبة نبتت فجأة يف الرمال‪ .‬يستمع‬
‫دون اهتامم إىل لغط النسوة الالئي يشرتين بعض احتياجاهتن من‬
‫داخل الدكان‪ ،‬الذي حتجبه فراندة نصف متهدّ مة انتصبت شجرة‬
‫سيسبان عىل جانبها‪ ،‬كأهنا ختفي اجلدار الذي هتدّ م بسبب مياه‬
‫َ‬
‫فيضان هنر النيل‪ ،‬التي أغرقت املكان قبل سنوات‪.‬‬
‫جاء بعد قليل حفيده الزين جاريا‪ .‬كان هناك ضيف من إحدى‬
‫القرى املجاورة يقف أمام البيت سائال عن حاج عبداهلل‪.‬‬

‫أحرض حاج عبداهلل الشاي للضيف بعد أن أدخله إىل املضيفة‬
‫الصغرية‪ .‬يبدو أن الضيف كان متعجال قليال‪ ،‬فقد بدأ الكالم قبل‬
‫يصب له حاج عبداهلل كوب الشاي‪.‬‬
‫أن‬
‫ّ‬
‫عرف نفسه‪ :‬أنا سايت ود شيخ األمني‪ ،‬والدك كان زمان اشتغل‬
‫ّ‬
‫‪111‬‬

‫مع والدنا يف إدارة املرشوع التعاوين‪ ،‬لكن الزمن دا مع املشاكل‬
‫والشغلة الناس بقت ما بتتعارف‪ .‬عندنا يف احلقيقة بت كانت‬
‫اتزوجت‪ ،‬زي املعمول ليها عمل‪ ،‬البنات األصغر منها‬
‫قاعدة ما ّ‬
‫وهسع كربت شوية‪ ،‬وبقت جتيها مرات‬
‫عرسن‪ ،‬إال هي قعدت‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫نزوجها‬
‫حاالت نفسية كدا‪ ،‬حترد األكل والكالم‪ .‬قلنا نحاول ّ‬
‫متزوج بِتّكم دا جا قبل أيام‬
‫يمكن أحواهلا تتصلح‪ .‬الزول الكان ّ‬
‫طلبها‪ ،‬قلنا ُ‬
‫ناخدْ شورتكم ونعرف ليه هو ط ّلق بنتكم؟‬
‫صب له كوب الشاي‬
‫رحب عبداهلل مرة أخرى بشيخ سايت‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وصب لنفسه كوبا آخر‪ ،‬وأمسك بالكوب يف يده وقال وهو ينظر‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫إىل الكوب وكأنه سيستخدمه ليقيم احلجة عىل ما سيقول‪ :‬حليل‬
‫زمن املرشوع التعاوين‪ ،‬الدنيا كانت بخريها‪ ،‬والناس بالقليل حاهلا‬
‫مستور‪.‬‬
‫صمت قليال ثم قال وهو جيلس بجانب الضيف عىل العنقريب‪:‬‬
‫واهلل الطالق حصل بس عدم اتفاق وقسمة‪ ،‬هو زول طيب‪ ،‬لكن‬
‫مرات كان يقوم بدون سبب يرضب الناس‪ ،‬ولو لقى أي حاجة‬
‫ّ‬
‫قدّ امه يكرسها!‬
‫حاجة زي شنو؟‬

‫كباية‪ ،‬صحن‪ ،‬زير موية‪ ،‬لكن هو زول طيب! بعد يكرس الزير‬
‫يقعد مسكني يبكي‪ ،‬الظاهر يتذكر إن األزيار غالية بعد يكرسها‪،‬‬
‫لكن هو زول طيب‪.‬‬
‫هسع‬
‫هي‪ّ ،‬‬
‫قال شيخ سايت وكأنه كان يتو ّقع مصيبة أكرب‪ :‬الزير ّ‬

‫‪112‬‬

‫الكهرباء جات‪ ،‬بتقطع مرات لكن أخري من عدمها‪ ،‬اهلل أعلم ما‬
‫أظن يقدر يكرس التالجة‪ ،‬وتاين مشكلته شنو؟‬
‫واهلل الزول دا زول طيب جدا‪ ،‬زي الطفل‪ ،‬لكن بس أحيانا‬
‫عنده جن كدا‪ ،‬لو حرض أهل زوجته يف زيارة‪ ،‬الزم يعمل مشكلة‬
‫معاهم ويطردهم من البيت‪ .‬زوجته مشت لل ُف َقرا قالوا عني‪ ،‬أ ّدوه‬
‫بخرات يستعملها ِ‬
‫ومَاية يرشهبا‪ ،‬دفق املِ َحاية يف األرض‪ ،‬ومل ّ يف‬
‫َ‬
‫البخرات و ّلع فيها النار! لكن هو زول طيب‪ ،‬الغضب الشديد دا‬
‫من الطبع‪ ،‬لكن املهم الزول يرجع ويستغفر ربه!‪.‬‬
‫أها ومعاملته مع األطفال كيف؟‬

‫واهلل كويس‪ ،‬لكن مرات وكت اجلن يقوم عليه‪ ،‬بيقطع ليه‬
‫عصاية نيم لينة ويقع يف ُش َّفع اجلريان يد ّقهم‪ ،‬بعدين بيعمل زي‬
‫املدرسة ّ‬
‫خيل ولدين يشيلوا الولد العاوز يرضبه‪ .‬أنا قابلت الدكتور‬
‫ولد ناس حسن الزين‪ ،‬كان جا هنا يف إجازة من السعودية‪،‬‬
‫حكيت ليه املوضوع قال يل الزول دا عنده مرض نفيس والعياذ‬
‫باهلل‪ .‬الظاهر يف طفولته كان بيد ّقوه يف املدرسة شديد عشان كدا‬
‫داير خيلص ّ‬
‫الدق الد ّقوه ليه يف األوالد املساكني! لكن هو زول‬
‫احلواشة ويرجع البيت آخر‬
‫طيب رصاحة‪ ،‬ويف حاله‪ ،‬بيميش ّ‬
‫اليوم! أنا قلت للدكتور لو حبوب وال حاجة‪ .‬جبنا ليه احلبوب‪،‬‬
‫شال ك ّباها يف املرحاض‪ ،‬ورضب زوجته‪ ،‬قال ليها دايرة جتنّنيني‬
‫رسمي باحلبوب! تقول بِ َقت عىل احلبوب عشان جين رسمي! لكن‬
‫هو زول طيب‪ ،‬يعني ما شفنا منه عوجة كترية!‪.‬‬
‫أها ومعاملته مع اجلريان كيف؟‬

‫‪113‬‬

‫مرات‬
‫كويس‪ ،‬يف رمضان بيجيب فطوره وجيي يف املسيد‪ ،‬مع إنه ّ‬
‫مرة كان يف عزاء يف‬
‫ما بيصوم‪ .‬يف ناس قالوا اجلن بتاعه نرصاين‪ّ ،‬‬
‫وزع مصاحف‪ ،‬مسك ليه مصحف وقرأ‬
‫املسيد‪ ،‬واحد من األوالد ّ‬
‫شوية فيه‪ ،‬فجأة قفل املصحف وكان ظاهر عليه متأثر ويف دموع يف‬
‫عيونه وقال‪ :‬مسكني يا عيسى! ظلموك األنبياء! (قاهلا كدة بحنّية‬
‫ّ‬
‫بيصل معانا العشاء‪.‬‬
‫زي كأنه بيعرف سيدنا عيسى!) لكن‬
‫ّمرة ُّ‬
‫الش ّفع كانوا بيتونّسوا بخلف املسيد بصوت عايل يف أثناء‬
‫الصالة‪ ،‬قام قطع صالته وجا مل ّ يف ُّ‬
‫الش ّفع بعكازه المن رشدوا‬
‫كلهم‪ ،‬بعد الصالة ال َعشاء ّ‬
‫اتأخر ألن ُّ‬
‫الش ّفع الطردهم مفروض‬
‫مرة كان تعبان نام‬
‫قبل هناية الصالة جييبوا ال َعشاء من البيوت! ّ‬
‫بعد صالة الرتاويح قبل ما ّ‬
‫يصحوه وخ ّلوه‬
‫يتعشى‪ ،‬اجلامعة نِ ُسوا‬
‫ّ‬
‫نايم يف املسيد‪ ،‬الظاهر خافوا لو قام من النوم يرضهبم وال حاجة‪.‬‬
‫صحوه عشان صالة الصبح‪ ،‬الظاهر كان تعب يف صالة الرتاويح‪،‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫قال ليهم‪ :‬الدّ َفسيبة ال َق ْبل شوية دي ما كان فيها صبح؟! لكن‬
‫مرة قبل كم سنة يف‬
‫زول طيب وعىل ن ّياته‪ ،‬الغنامية تاكل عشاه! ّ‬
‫وفرق حلمها يف احللة‪ ،‬الناس‬
‫غنامية دخلت زراعته‪ ،‬مل ّ فيها ضبحها ّ‬
‫مساكني! يف جوع يف البلد‪ ،‬ما يف زول سأل اللحم دا من وين‪،‬‬
‫قالوا كرامة سالمة وأكلوها!‪.‬‬
‫زول طيب‪ ،‬الغنامية تاكل عشاه‪ ،‬لكن ما َت ْقدَ ر تاكل من زراعته‬
‫وإال تبقى كرامة يف احللة! لكن زول طيب واهلل وابن ناس‪ ،‬أبوه‬
‫كان راجل طيب‪ ،‬لكن ج ّن يف آخر العمر ومل ّ الكيزان! عنده يافطة‬
‫كلام جيي السوق يرفعها يف الدكان‪ ،‬مكتوب فيها‪ :‬ال تبديل لرشع‬
‫‪114‬‬

‫تلم‬
‫اهلل! الناس قالوا ليه إنت زول مستور‪ ،‬مايف سبب خيليك ّ‬
‫احلرامية آخر عمرك‪ .‬الظاهر تعب من ال َف ُقر وقال أحسن يرتاح‬
‫شوية‪ ،‬أهو الدنيا كدا! ال راحة يف الدنيا وال فرارا من املوت‪ ،‬هو‬
‫مسكوه إدارة الغابات قطع الشجر كله‬
‫برضه كان زول طيب! ّ‬
‫عملوا فحم وباعه! لكن كان زول جمامل‪ ،‬أي مناسبة يف احللة جيي‬
‫ومرات يمسك الكشف يف املناسبات‪ .‬يف عرس الطاهر‬
‫أول واحد‪ّ ،‬‬
‫عمنا الزين‪ ،‬مسك الكشف‪ ،‬وبقى يميش يشجع الناس يقول‬
‫ود ّ‬
‫ليهم الطاهر حمتاج للمساعدة تعالوا أدفعوا‪ ،‬أها وكت الناس كلها‬
‫تقريبا دفعت‪ ،‬مجع القريشات واختفى‪ ،‬قالوا كان مديون مشى‬
‫سدد الدين ويف ناس قالوا الزول دا كان طالب الطاهر قروش‪،‬‬
‫ولقاها فرصة خلص القروش‪ ،‬اختفى فرتة قالوا مشى الدفاع‬
‫وغرة صالة‪ ،‬الدقن سمحة‪،‬‬
‫الشعبي‪ ،‬رجع بعد فرتة بدقن كبرية ّ‬
‫غرة الصالة ظاهر عملها بحجر وال حاجة‪ ،‬قالوا يف ناس‬
‫لكن ّ‬
‫بيعملوها بخمسة جنيه يف سوق ليبيا! بتاعته يمكن تكون ك ّلفت‬
‫أقل من كدة! ألهنا ظاهرة ما أصلية! رجع حكومة‪ ،‬مايف زول‬
‫يقدر يسأله يقول ليه رسقت قروش الكشف ليه! ولو يف الزول‬
‫اتك ّلم عن بيع الفحم وشتول املسكيت بدون إيصال‪ ،‬طوايل جييب‬
‫ناس األمن يقول ليهم الزول دة علامين والعياذ باهلل! ويف العلامين‬
‫كامن أكعب نوع‪ :‬شيوعي! ما داير حكم اهلل! لكن كان زول جمامل‬
‫ويف حاله! وآخر أيامه عملوه إمام يف اجلامع‪ ،‬وكت يوعظ الناس‬
‫يبكي! وينزل من املنرب يبيع الفحم‪ ،‬حيعمل إيه املعايش ج ّبارة‬
‫وأسعار الفحم كويسة!‪.‬‬
‫رسلوا‬
‫رسلوا ألهلهم يف السعودية ّ‬
‫وكت الغاز ظهر والناس ّ‬

‫‪115‬‬

‫ليهم بابور الغاز‪ ،‬مسكني‪ ،‬الفحم بقى ما بيتباع كويس‪ ،‬حاول‬
‫ينوع يف الشتول ألن احلكومة منعت بيع شتول املسكيت قالوا‬
‫ّ‬
‫بيخرب األرض‪ ،‬وناس احلكومة دايرين األرض يبيعوها‪.‬‬

‫نظر شيخ سايت حواليه حمتارا‪ ،‬ثم تش ّبث باألمل مرة أخرى‪،‬‬
‫رغم أن األمل كان (ينَاتِل) حماوال اهلروب! نظر إىل ظل اجلدار‬
‫حماوال تقدير الوقت‪ ،‬ثم قال‪ :‬ويف الشغل كيف‪ ،‬ناجح يف زراعته؟‬

‫زراعته سمحة‪ ،‬يرمي شوال قمح ويشيل أربعني! الناس قالوا‬
‫بينجح القمح بالسامد! مع إنه هو بينكر أنه بيستعمل السامد‪ ،‬ناس‬
‫ّ‬
‫قالوا عنده جن نشيط بيزرع معاه!‪.‬‬
‫يف السنني األخرية إنتاجه نقص ما زي األول‪ ،‬ناس قالوا‬
‫عص اجلن يف الشغل‪ ،‬خي ّليه الليل كله سهران يقرع املوية‪ ،‬وكت‬
‫َ‬
‫تعب رشد خىل البلد‪ ،‬لكن احلقيقة املزارعني الكويسني يف السنني‬
‫مرة العيش اترسق من القيساب‬
‫األخرية ما بيحبوا يزرعوا معاه‪ّ ،‬‬
‫يوزعوه بني املزارعني‪ ،‬الناس قالوا لقوا أتر أقدامه! الظاهر جا‬
‫قبل ّ‬
‫آخر الليل رسق العيش! دا كالم الناس‪ ،‬لكن بعض الظن إثم‪ ،‬مايف‬
‫زول شافه! كان مشى اشتغل فرتة يف البلدية مع ناس احلكومة‪،‬‬
‫والظاهر اتع ّلم الرسقة هناك! لكن هو راجل طيب‪ ،‬والناس كلها‬
‫بتغلط‪ ،‬املهم الزول ما يشيل يف نفسه حاجة من الناس!‬
‫ومع ناس البيت كيف‪ ،‬كان بيجيب الطلبات وما من ّقص‬
‫عليهم حاجة؟‪.‬‬
‫بيقص‪ ،‬وكت سكّر التموين جيي بيكون أول زول واقف‬
‫ما ّ‬

‫‪116‬‬

‫يف الصف! حيب القهوة‪ ،‬وحيب شاي املغرب‪ .‬دائام يقول شاي‬
‫مرات وكت اجلن يقوم عليه‪ ،‬يقفل‬
‫املغرب أهم من العشاء! لكن ّ‬
‫الرادي جنب راسه‪ ،‬واليوم كله‬
‫نفسه يف البيت كم يوم‪ ،‬خيت ّ‬
‫يسمع األخبار‪ ،‬لو جا زول قال ليه يف حاجة ناقصة يقول ليهم‬
‫دقيقة بس يف أخبار مهمة أسمعها وأقوم‪ ،‬لو ما حجارة البطارية‬
‫انتهت ما يقوم‪ ،‬بعدين وكت يتابع األخبار يب ّطل أي خدمة تانية‪،‬‬
‫أيام حرب اخلليج حضن الرادي لغاية احلرب انتهت! لو ما كان يف‬
‫شوية ويكة وقمح يف املخزن كان ماتوا باجلوع لغاية ما بوش يمرق‬
‫صدام من الكويت! بعدين يقول ليك أنا ما بنوم إال بالراديو‪ .‬قبل‬
‫فرتة قبضونا يف َشكْلة يف السوق‪ ،‬لقيته ش ّغال رضب يف ناس‬
‫حلراسة قلت ليه‬
‫البوليس جيت أحجز قبضوين أنا ذايت معاهم‪ .‬يف ا َ‬
‫إنت طبعا ما حتقدر تنوم بدون راديو! قال يل أل حأكون صاحي‬
‫للصباح! لسة ما يكمل كالمه شخر‪ ،‬نام للصباح إال العساكر‬
‫صحوه! لكن رجل طيب وخدوم‪ ،‬وكت يكون يف فراش يف املسيد‬
‫ّ‬
‫يتوىل عمل الشاي والقهوة! ناس قالوا ألنه بيحب رشاب الشاي‬
‫والقهوة بيلقاها فرصة عشان يرشب كتري جمان! لكن رجل طيب‬
‫ويف حاله‪.‬‬
‫قال شيخ سايت وكأنه عثر أخريا عىل يشء إجيايب‪ :‬القهوة‬
‫العرقي؟‬
‫والشاي هينني‪ ،‬ن َع ّلو ما بيرشب َ‬
‫بيرشب شوية قبل ينوم‪ ،‬مرات وكت املوسم يكون كويس‬
‫مرة دخل األنداية ما مرق منها إال بعد‬
‫بيميش األندايات يرشب‪ّ ،‬‬
‫شهرين بعد ما قطع قروش املوسم كله! لكن زول طيب ويف حاله‪،‬‬
‫‪117‬‬

‫لو السكارى اتشاكلوا يف األنداية وال يف بيوت األعراس بيقعد‬
‫ّ‬
‫بيتدخل‪ ،‬يقول راسنا دا رصفنا عليه قروش عشان يتوزن‪،‬‬
‫بعيد‪ ،‬ما‬
‫يكملوا بعضهم!‬
‫ما بنض ّيع تعبنا ساكت نحجز الناس! إن شاء اهلل ّ‬
‫لكن زول طيب ويف حاله!‪.‬‬
‫ن َع ُّلو بيرشب يف الشارع؟‪.‬‬

‫أل‪ ،‬بيرشب يف البيت أو يف األنداية‪ ،‬زول ملتزم جدا‪ ،‬ولو ما‬
‫صل العشاء ما بيقعد للرشاب‪ ،‬دايام يقول‪ :‬بعد ِ‬
‫ّ‬
‫العشا مايف اختِشا‪.‬‬
‫يف ناس بيقولوا هو ما بيختيش من الصباح‪ ،‬لو اجلن قام عليه‪،‬‬
‫حيب احلروب‪ ،‬دايام‬
‫يطرد الناس ويقعد يسمع أخبار احلروب‪ّ ،‬‬
‫يقول‪ :‬احلمد هلل اإلنجليز ما رسموا حدود الدول‪ ،‬خ ّلوها مطلوقة‬
‫ساكت‪ ،‬عشان كدة الدول كل ما تلقى قرشني جتيب سالح‪،‬‬
‫يقوموا عىل جرياهنم!‪.‬‬
‫املرة كويس؟‬
‫لكن كويس يعني بيعامل َ‬

‫واهلل هو زول طيب‪ ،‬بالذات وكت يرشب يبكي زي اجلَنَا‪،‬‬
‫املرة تسوقه تو ّديه يبول وتر ّقده‪ ،‬وكت يرشب يبقى طيب‪ ،‬لكن‬
‫ناس احلكومة منعوا الرشاب وبقوا ين ّطوا عىل الناس يف البيوت‬
‫عرقي جييبوك تاين يوم جيلدوك يف السوق‪،‬‬
‫ويشموهم لو لقوا رحية َ‬
‫ّ‬
‫مرة ناس احلكومة ن ّطوا يف بيته‪ ،‬لقوه واعي‪ ،‬مسكني‬
‫هو مسكني‪ّ ،‬‬
‫العرقي أبوا يدّ وه ألنه كان‬
‫كان مف ّلس ومشى حاول يستلف َ‬
‫عرقي كتري‪ .‬دينه يف الدكان ألف جنيه ويف األنداية عرشة‬
‫متد ّين َ‬
‫مر ُقه من اجللد يف السوق‪ ،‬لكن‬
‫آالف! لكن زول طيب‪ ،‬الفلس َ‬
‫ناس احلكومة قالوا ليه ما بنخليك ساكت‪ ،‬ما دام جبناك النقطة‪،‬‬
‫‪118‬‬

‫حلراسة مسكني بدون راديو‪ ،‬لكن‬
‫تبيت ومتيش الصباح! نام يف ا َ‬
‫زول طيب ويف حاله!‪.‬‬
‫وليه ما جاب أوالد؟‪.‬‬

‫العرقي والراديو‪ ،‬يمكن لو ما حرب‬
‫واهلل مسكني ما فىض من َ‬
‫اخلليج كان جاب ليه حاجة! بعدين ما ِو َعى كتري‪ ،‬جا ساق البت‬
‫دي يوم العرس وهو سكران‪ ،‬جابوه اجلامعة شايلنّو شيل ّ‬
‫دخلوه‬
‫عىل عروسته! وكت ط ّلقها بعد سبعة سنني كان سكران برضو!‬
‫وبرضو جوا نفس اجلامعة شالوه شيل و ّدوه بيتهم! مشينا للفقري‬
‫أدانا مسحوق قال يرشب منه قبل النوم‪ ،‬رفض يرشب‪ ،‬املرة ختّت‬
‫ليه شوية يف شاي املغرب‪ ،‬اتضح بعد داك إن الفقري كذاب‪ ،‬كان‬
‫بيجيب احلباية الزرقا يطحنها مع احللبة ويدّ هيا للناس العندهم‬
‫العجز اجلنيس‪ ،‬يقول ليهم إنتوا معمول ليكم عمل‪ ،‬أرشبوا من‬
‫ّ‬
‫بيتفك‪ ،‬أها ُسمعته رضبت حلدود مرص‬
‫األعشاب دي العمل‬
‫املكس‪ ،‬ومعظم الناس كانت‬
‫واخللق كرسوا عليه‪ ،‬األعمى شايل ّ‬
‫بتجيه بالليل عشان الناس ما يشيلوا ِح ّسهم! لكن زول طيب ويف‬
‫حاله‪ ،‬لو ِس ِكر يبكي زي اجلنَا‪ ،‬ينوم بالراديو ويف الصباح عينه ما‬
‫العرقي حتت الرسير بيده ولقى فيها حاجة!‬
‫تفتح لو ما هبش قزازة َ‬
‫لكن زول طيب ويف حاله وحيب الناس‪.‬‬
‫كان شيخ سايت يصارع يف (األمل) الذي كان يقاوم ليهرب‪،‬‬
‫أمسك به من عنقه حتى ال هيرب‪ ،‬أمال يف أن جيد شيئا ينعش األمل‬
‫قليال‪ :‬أها وعنده أخوان كويسني؟‬
‫عنده أخو واحد أصغر منه‪ ،‬زول كويس‪ ،‬بس شوية بتاع‬
‫‪119‬‬

‫فتوة يف احللة ّ‬
‫يدق الناس‪ ،‬ولو مشى حفلة يفرتقها‪.‬‬
‫مشاكل‪ ،‬كان ّ‬
‫األوالد كان سا ِّمـنُّه يف احللة املغناطيس‪ ،‬حيب احلديد‪ ،‬رسق احلديد‬
‫الفي احللة كله باعه لرشكات اخلردة‪ ،‬حتى رساير احلديد شاهلا‪ ،‬لو‬
‫إنت نايم يف احلوش يف رسير حديد جيي ّبراحة ينزلك من الرسير‬
‫ويشيله‪ ،‬الكويس ما يرميك يف الواطة جييب برش صالة خيتّك‬
‫فوقه ويغطيك كويس عشان الربد بتاع أول الصباح ما يمرضك‪،‬‬
‫ويشيل الرسير يميش يبيعه‪ ،‬الناس كلها رجعت لعناقريب اخلشب‪.‬‬
‫أها أيام كدا‪ ،‬وكت عدم الشغل‪ ،‬مل ّ ناس احلكومة ومشى اجلهاد‪،‬‬
‫قبل يميش الكيزان أ ّدوه شوية قروش وعربية واشتغل مع منظمة‬
‫اسمها النشاط الطاليب‪ ،‬ديل قالوا يراقبوا الطالب وجينّدوهم‬
‫عرس قبل يميش اجلنوب‪،‬‬
‫حلزب احلكومة‬
‫ويرسلوهم اجلنوب‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫أها بعد فرتة من سفره‪ ،‬سمعنا قالوا استشهد‪ ،‬جوا اجلامعة يف بيتهم‬
‫رقصوا وضبحوا تور وأ ّدوا أمه ورقة قالوا عقدنا ليه عىل حورية‪،‬‬
‫وواحد من الكيزان الكانوا معاه حلف باهلل وقال جنازة الشهيد‬
‫كانت طالعة منها رحية املسك! نحن ضحكنا ّبراحة وكت سمعنا‬
‫الكالم دا‪ ،‬ألن املرحوم كان وكت حي رحيته ترمي الصقر! وكت‬
‫جيي مايش جنبك تقول يف فطيسة جات ماشة! ما بالك وكت‬
‫مات‪.‬‬
‫هسع بيكون مشى شهر العسل يف الفندق يف السام! واحد‬
‫قالوا ّ‬
‫من املساخيط قال‪ :‬أنا خايف لو لقى رسير حديد يف الفندق يف‬
‫السامء يشيلو معاه! يف ناس كانوا طالبنُّه قروش من حساب‬
‫عرسه األول‪ ،‬قالوا كيف يعرس تاين بدون حياسبنا عىل حاجات‬
‫مرة واحدة‬
‫العرس األول! واحدين قالوا يا أخوانا نحن لينا سنني َ‬
‫‪120‬‬

‫مرتني! قالوا أل‪،‬‬
‫يعرسوه ليه َ‬
‫نعرسها كيف الزول دا ّ‬
‫ما قادرين ّ‬
‫يعرس مثنى وثالث ورباع‪ .‬وكت قالوا‬
‫دا شهيد وكوز‪ ،‬ممكن ّ‬
‫استشهد‪ ،‬ناس كتار عندهم شوية حديد يف بيوهتم فرحوا وقالوا‬
‫احلمدهلل‪ .‬بعد شهر من عرسه عىل احلورية رجع تاين‪ ،‬فجأة لقيناه‬
‫حايم يف القرية!‪.‬‬
‫ب ّعايت؟‬

‫أل‪ ،‬ما كان مات‪ ،‬الزي دة ما بيموت‪ ،‬الظاهر يف زول مات‬
‫وهو كان اجترح‪ ،‬وكت جات الربقية عكسوا األسامي‪ ،‬الناس‬
‫املجروحني قالوا ماتوا واملاتوا قالوا انجرحوا!‪.‬‬
‫وهسع وين؟‬
‫ّ‬

‫بقى مسئول كبري يف احلكومة‪ ،‬مع اجلامعة ناس صندوق‬
‫وعرس تاين تالتة نسوان‪ ،‬يعني‬
‫الطلبة‪ .‬بنى البيت وص ّلح أحواله ّ‬
‫بقى عنده أربعة فوق احلورية! ‪.‬‬
‫وكدا ما حرام لكن!‬

‫يعرس الرابعة ط ّلق احلورية!‬
‫الناس قالوا يمكن وكت جا ّ‬
‫لكن ولد كويس‪ ،‬لو قصدتُه يف حاجة بيقضاها ليك‪ ،‬عندك زول‬
‫مقبوض يف شيك‪ ،‬زول اختلس قروش‪ ،‬داير ليك جبخانة‪ ،‬داير‬
‫ليك شهادة مرضوبة لولدك‪ ،‬كله بيجيبو ليك وياخد حقه‪ ،‬لكن ما‬
‫طمع! ويف ناس قالوا بيبع السجائر األخرض كامن!‪.‬‬
‫ّ‬
‫ن َع ُّلو بنقو!‪.‬‬

‫أيوة بنقو‪ ،‬أخرض حيكون نيم يعني! لكن زول طيب ويف حاله‪،‬‬
‫‪121‬‬

‫حتى رسقة احلديد ب ّطلها بعد بقى مسعول كبري‪ ،‬بقى يرمي لقدّ ام‪،‬‬
‫يف مسعول كبري بيرسق رساير ؟ دا شغل حرامية مساكني ساكت!‪.‬‬

‫رسح شيخ سايت بنظره بعيدا‪ ،‬حاول (األمل) اهلروب‪ ،‬لكنه‬
‫أمسك به وعرصه حتت عجزه الضخم حتى رصخ (األمل)‬
‫وكادت ختمد أنفاسه ويفقد أي أمل! قال حماوال إعطاء ُمدّ ثه‬
‫ربر زواج ابنته‪ :‬وعنده‬
‫خيارات سهلة إلحراز أي نرص بأي ثمن ي ّ‬
‫هبائم سمحة؟‪.‬‬
‫قال شيخ عبداهلل‪ :‬عنده تيس واحد مطلوق يف احللة‪ ،‬جيوا‬
‫يفحل ليهم الغنم‪ ،‬ياكل مع هبائم الناس‪،‬‬
‫الناس يسوقوه عشان ّ‬
‫تتيس وموسمه يكون ناجح‪،‬‬
‫وش ّغال عريس مجاعي! وكت أحواله ّ‬
‫حق العرقي كل‬
‫بيشرتي شوية هبايم‪ ،‬لكن يف الصيف وكت حيتاج ّ‬
‫جاري ليه هبيمة من أضاهنا عىل السوق ومن السوق عىل‬
‫يوم ّ‬
‫األنداية! لكن زول فاضل ما يتفضل عليك‪.‬‬

‫‪122‬‬

‫الكوز (الـمحرتم) يواجه اإلهانة يف الـمحكمة‬

‫يف الباحة الواسعة املواجهة للسوق خلف مبنى البلدية‪ ،‬جلس‬
‫القايض ومساعده خلف منضدة حكومية ضخمة‪ ،‬مصنوعة من‬
‫خشب يشبه اخلشب املستخدم يف صناعة فلنكات السكة احلديد‪.‬‬
‫قال شيخ الطيب‪ :‬الرتبيزة دي الظاهر صنعوها أيام اإلنگليز‪ ،‬متينة‬
‫جدا وثقيلة ال يستطيع ثالثني رجال رفعها من األرض!‪.‬‬
‫قال شيخ النور مساعد القايض‪ :‬احلمدهلل إهنا متينة وثقيلة مايف‬
‫حيركها‪ .‬لو كان بتتحرك كان اجلامعة بدري باعوها!‪.‬‬
‫زول يقدر ّ‬

‫قال شيخ الطيب بفخر بصوت هامس‪ :‬الليلة حنحاكم كوز‬
‫كبري رسق سكر التموين!‪.‬‬
‫ضحك شيخ النور وقال‪ :‬اليسمع كالمك يقول دي املحكمة‬
‫العليا‪ .‬إنت ما حتحاكمه عشان رسق السكر‪ ،‬احلرامية يف البلد هم‬
‫البيحاكموا الناس‪ .‬إنت حتحاكم زول مشوا ليه مواطنني يسألوه‬
‫عن حصة السكر ر ّد عليهم بالعكاكيز واحلجارة!‪.‬‬

‫مرصا عىل االحتفاظ بانتصاره البائس‪ :‬املهم‬
‫قال شيخ الطيب ّ‬
‫املتهم كوز!‪.‬‬
‫‪123‬‬

‫ضحك النور وقال‪ :‬غايتو اهلل أعلم‪ ،‬كان ما نخاف الكضب‬
‫دي حتكون آخر حمكمة ليك! أحسن بعد دا متيش تشوف ليك‬
‫نأجل القضية! أو لو لقينا املوضوع ما‬
‫شغلة تانية! أنا لو حم ّلك ّ‬
‫الزوغة!‪.‬‬
‫ُب ّ‬
‫مايش كويس نرفع اجللسة للتداول ونك ّ‬
‫قال شيخ الطيب‪ :‬واهلل لو بقى ترايب ما أخ ّليه! بعدين ما ختاف‪،‬‬
‫هو أصال لو كوز قوي ما بيصلنا هنا‪ ،‬دا كوز درجة تالتة‪ .‬ديل‬
‫الر ُموا ليهم ال َع ُضم‪ ،‬جلان شعبية وسكّر ورضائب النخيل‪.‬‬
‫اجلامعة ّ‬
‫قبل أكرت من عرشة سنة قال منتظر أقرب تعديل وزاري حيعملوه‬
‫وزير‪ .‬أها الوزارة عدّ لوها مية مرة وهو لسة يف رسقة السكر‪ِ ،‬‬
‫الم ْن‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫راسه ِكرب وبقى يشبه نمل السكر!‪.‬‬
‫اتغيت‪ُ ،‬‬
‫خل َقتُه ّ‬

‫قال شيخ النور‪ :‬زمان كان مبتىل يميش األسواق يقيف يف الزمحة‬
‫وحيب العرس‪ ،‬كل‬
‫مرة الناس مسكوه دقوه!‬
‫ّ‬
‫(يدَ ّقر) لألوالد‪ ،‬كم ّ‬
‫هسع بقى‬
‫سنة يط ّلق واحدة من نسوانه‬
‫ّ‬
‫ويتزوج واحدة جديدة‪ّ ،‬‬
‫جماهد!‪.‬‬
‫قال القايض هامسا‪ :‬يمكن مشى جهاد النكاح!‪.‬‬

‫املواطن عبد السميع يتقدّ م‪ ،‬نادى حاجب املحكمة!‪.‬‬

‫جاء املواطن عبد السميع‪ .‬كانت يده املكسورة يف جبرية من‬
‫جريد النخيل‪ ،‬وال تزال بعض بقع الدم يف جلبابه‪ ،‬كان قد ربط‬
‫رأسه بالعاممة ّ‬
‫شج رأسه‪ .‬سأله القايض إن كان مصابا‬
‫كأن أحدهم ّ‬
‫أيضا يف رأسه‪ ،‬بدا املواطن عبد السميع سعيدا بالسؤال‪ ،‬أكثر من‬
‫سعادته بجلب الكوز إىل املحكمة‪ ،‬أوضح‪:‬‬
‫‪124‬‬

‫عندي وجع رأس شديد يا موالنا! أسبوع ما رشبت شاي وال‬
‫حول سكر‬
‫قهوة‪ .‬حاولت أرشب بالبلح لكن ما قدرت‪ .‬الزول دة ّ‬
‫التموين اخلاص بالقرية ملصلحته اخلاصة‪ .‬كل القرى يف اخلط دا‬
‫استلمت حصة السكّر وتم توزيعها عىل املواطنني‪ .‬إال بلدنا دي‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫السكّر مشى وين ما معروف‪َ .‬وكت مشينا نسأله السكر وين‪،‬‬
‫استقبلونا هو وأوالده بالعكاكيز ورضبونا رضب غرائب اإلبل!‪.‬‬
‫ويف زول تاين انرضب معاك من رضب اإلبل دا؟‬

‫كان معاي نفرين رشدوا وكت الرضب كرت علينا‪ ،‬قالوا يل‬
‫نرجع أحسن ونميش نعمل بالغ‪ ،‬ديل ناس كيزان ومفرتين‪،‬‬
‫حننرضب وما حنلقى حقنا!‪.‬‬
‫الرشدوا‪ ،‬دا ْي ِر ّنم شهود!‪.‬‬
‫وين االتنني َ‬

‫قال عبد السميع‪ :‬واحد منهم ِ‬
‫جاري لليلة‪ .‬مسكني قالوا خمُّه‬
‫رضب! بقى كلام يشوف عسكري أو زول بدقن يقوم جاري‪.‬‬
‫والتاين وين؟‬

‫التاين يف املستشفى‪ ،‬الدكتور قال عنده ارجتاج يف املخ!‪.‬‬

‫تساءل شيخ النور‪ :‬يعني شنو ارجتاع يف املخ!‪.‬‬

‫قال عبد السميع‪ :‬ارجتاج‪ ،‬الرضب كان شديد عىل رأسه‪ .‬خمّه‬
‫اختلبط فوق حتت‪ .‬كان يف حاجات نساها مدفونة يف قعر ّ‬
‫املخ ليها‬
‫سنني‪ .‬جات طالعة فوق‪ .‬وحاجات جديدة نزلت حتت واندفنت!‬
‫قبل مخسة سنني كان حصل ليه حادث‪ ،‬وقع من مجل‪ .‬نسى‬
‫حاجات كترية‪ ،‬من ضمنها ديون‪ .‬قبل احلادث كان تاجر شاطر‪،‬‬
‫‪125‬‬

‫حيفظ معامالته كلها يف خمه‪ ،‬ما بيسجل أي يشء يف الدفرت‪ ،‬يشوفك‬
‫من بعيد يقول ليك أنا عاوز منك كدا‪ ،‬إنت اشرتيت يوم كدة‬
‫سموه‪:‬‬
‫رطلني زيت‪ ،‬ووقية شاي ووقيتني بن! عشان كدا الناس ّ‬
‫أنا عاوز منك! الناس نست اسمه القديم! بقى أول ما يظهر يف‬
‫أي حمل الناس تقوم جارية قبل ما يفضحهم بالديون!‬
‫مناسبة وال ّ‬
‫الرصاحة كان طالبنا ك ّلنا‪ ،‬بعد وقع من اجلمل نسى كل الديون‪،‬‬
‫محدنا اهلل ألن الظروف كانت صعبة الفرتة الفاتت‪ ،‬لو لقيت زول‬
‫ينسى واحد من ديونك‪ ،‬بيكون خ ّفف عليك شوية لغاية ما يتذكّر‬
‫بعدين حي ّلها اهلل! يف الزمن العلينا دا يا موالنا‪ ،‬لو زول نسى ح ُّقه‬
‫تغي اسمك‪ ،‬تغري شكلك‬
‫العليك‪ ،‬تساعده عشان ما يتذكّر‪ّ ،‬‬
‫هسع الدّ ق بتاع الكيزان ط ّلع احلاجات القديمة كلها‪.‬‬
‫شوية! ّ‬
‫وكت مشيت أزوره يف املستشفى قال يل أنا داير منك ألف جنيه‪.‬‬
‫إنت اشرتيت مني تالت مرات سكر وشاي وصابون وزيت بدون‬
‫شوال بلح عشان يبيعه‪ .‬قلت ليه أخصم‬
‫تدفع‪ .‬قبل فرتة كنت أ ّديته ّ‬
‫األلف جنيه من متن الشوال وأ ّديني الباقي‪ ،‬لقيته نسى إنه استلم‬
‫شوال بلح! الكيزان حتى وكت يرضبوك رضهبم رضب‬
‫مني ّ‬
‫مرضة‪ .‬خلو الزول يتذكّر القروش الدايرها من الناس وينسى حق‬
‫ّ‬
‫الناس العليه!‪.‬‬

‫وجد القايض قصة الرجل الذي تذكّر ديونه ونيس حقوق‬
‫الناس عليه‪ ،‬مس ّلية‪ .‬حتى أنه ضحك دون أن ينتبه الحتامل ضياع‬
‫هيبة املحكمة‪ .‬تذكّر بعد أن انفجرت ضحكته يف هواء الدَّ ِمرية‬
‫املشبع برائحة اجلروف ورائحة ا َمل ِريق‪ ،‬أنه يف املحكمة وليس يف‬
‫السوق‪ .‬فق ّطب وجهه وحاول مجع ما يستطيع من ضحكته التي‬
‫‪126‬‬

‫تناثرت فوق احلضور حتى تطايرت أرساب احلامم التي تبحث عن‬
‫بقايا احلبوب يف باحة السوق أمام املحكمة فزعة‪ .‬خبط املنضدة‬
‫العتيقة أمامه ليستعيد هيبة املحكمة وأعلن بغضب‪ :‬ال بأس‪ ،‬أين‬
‫املتهم وأوالده!‪.‬‬
‫تقدّ م املتهم‪ ،‬عبدالرسول صالح الدين‪.‬‬

‫يبدو أن عبدالرسول مل يكن يؤمن كثريا بأنه جيب أن (حيدّ ث)‬
‫بنعم ربه! كان يكتفي بإخفاء كل النعم التي حيصل عليها‪ .‬ألن‬
‫(دوامة) حتى أنه كان خيتفي من القرية حني تكون هناك‬
‫الدنيا ما ّ‬
‫مظاهرات يف العاصمة تطالب بسقوط احلكومة‪ .‬وحني يتم إمخاد‬
‫املظاهرات‪ ،‬كان يعود إىل القرية رسا ويواصل حياته‪ ،‬وإذا سأله‬
‫أحدهم عن غيابه كان يقول إنه قد استُدعي للمشاركة يف رضب‬
‫اخلارجني عىل القانون!‪.‬‬
‫قال النور‪ :‬وينُه القانون اليخرجوا عليه! مايف خارج عىل‬
‫القانون غريه هو ومجاعته‪ ،‬بعدين مايف زول بيميش حيارب‬
‫اخلارجني ويسوق معاه أوالده ويشيل معاه عفشه!‪.‬‬
‫حتول لونه األبيض إىل اللون‬
‫كان يرتدي جلبابا قديام متّسخا ّ‬
‫الرمادي بفضل الغبار والعرق‪.‬‬
‫قال النور بصوت خفيض‪ :‬زولك مسكني ما فايض من الرسقة‬
‫وبيع السكر يف السوق األسود عشان يغسل هدومه!‪.‬‬
‫تفضل يا سيد صالح الدين‪ .‬أوالدك االتنني مطلوبني أيضا يف‬
‫املحكمة‪.‬‬
‫‪127‬‬

‫قال صالح الدين‪ :‬الولد الكبري عنده مالريا والتاين مشى مع‬
‫والدته املستشفى‪.‬‬

‫عي يف منصب كبري‬
‫كان يبدو متوترا فقد كان يتوقع أن ُي َّ‬
‫وفجأة جيد نفسه يف املحكمة‪ ،‬وأي حمكمة؟ حمكمة شعبية ختتص‬
‫بمنازعات صغرية وسكارى مساكني‪ ،‬ولصوص صغار ّ‬
‫تتعذر‬
‫رؤيتهم بالعني املجردة‪ ،‬يرسق أكثرهم خربة محارا أو ربطة قصب‬
‫ال يساوي سعرها أكثر من جنيه واحد‪.‬‬

‫شعر شيخ النور أن الكوز املتوتر قد يسبب مشكلة يف املحكمة‪،‬‬
‫طولنا ما شفناك‬
‫فحاول أن خي ّفف من توتره‪ ،‬قال موجها الكالم له‪ّ :‬‬
‫يا شيخ عبدالرسول‪ ،‬يظهر املشاغل كثرية‪ ،‬بعدين شكلك اتغري‬
‫شوية‪ ،‬بقيت تشبه واحد من الكيزان الكبار‪ ،‬الزول بتاع الدفاع‬
‫الشعبي!‪.‬‬

‫تل ّفت عبدالرسول حوله حمدقا يف حضور املحكمة كأنه يبحث‬
‫عن شخص ما كان يتو ّقع حضوره‪ ،‬قبل أن يعلن‪ :‬املا لقى شبهه‬
‫اهلل قبحه!‪.‬‬

‫نظر شيخ النور إىل جلباب عبدالرسول املتسخ ووجهه املتوتر‬
‫وقال برسعة‪ :‬أهو إنت لقيت شبهك وبرضو اهلل قبحك! ثم‬
‫استدرك كالمه بضحكة عالية حاول أن يوحي هبا أنه كان يمزح!‪.‬‬

‫قال عبدالرسول‪ :‬يا موالنا أنا َبعترب كالمك دا إهانة يف‬
‫املحكمة‪ .‬أنا جاهدت يف اجلنوب وعندي شهادة الداير يشوفها‬
‫بورهيا ليه!‪.‬‬
‫جييني البيت َ‬
‫‪128‬‬

‫املرة اجلاية‪ ،‬ألن‬
‫ضحك شيخ النور وقال‪ :‬أحسن جتيبها هنا ّ‬
‫البيجيك البيت كله قاعد ينرضب رضب غرائب اإلبل!‪.‬‬

‫قال شيخ الطيب‪ :‬كيف يكون إهانة للمحكمة؟ إنت ما معانا‬
‫يف املحكمة!‪.‬‬
‫أل ما تفهم غلط يا موالنا‪ ،‬أنا ما قلت إهانة للمحكمة‪ ،‬أنا قلت‬
‫إهانة يف املحكمة‪ .‬يعني إهانة ملواطن حمرتم يف داخل املحكمة‪.‬‬

‫ضحك شيخ النور وقال بصوت خفيض‪ :‬وين يف كوز حمرتم؟!‬
‫ثم تنحنح ونظر حواليه خوفا أن يكون أحدهم سمعه!‪.‬‬
‫حاول القايض جتاوز نقطة إهانة الشاكي إىل موضوع القضية‪:‬‬

‫تعرضوا للرضب منكم؟‪ .‬ممكن‬
‫الناس ديل مقدّ مني بالغ أهنم ّ‬
‫توضح للمحكمة احلصل لو سمحت؟‪.‬‬
‫قال عبد الرسول‪ :‬نحن كنّا يف حالة دفاع عن النفس! اجلامعة‬
‫ديل اعتدوا علينا‪ ،‬والدِّ ين بيقول‪ :‬من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه‬
‫بمثل ما اعتدى عليكم‪.‬‬
‫ممكن توضح كيف اعتدوا عليكم؟‬

‫هامجونا ونحن آمنني يف بيتنا‪.‬‬

‫الناس ديل بيقولوا إهنم جوا يسألوك من سكر التموين‪ ،‬بيقولو‬
‫إن حصتهم من السكر اتباعت يف السوق األسود!‪.‬‬

‫قال عبد الرسول وكأنه يتخذ قرارا هنائيا‪ :‬أسود أمحر أبيض ما‬
‫ليهم دخل‪ .‬نحن شغالني ملصلحة الدولة العليا!‪.‬‬
‫‪129‬‬

‫قال القايض‪ :‬نرجع للقضية‪ .‬احلصل شنو؟‪.‬‬

‫قال عبد الرسول‪ :‬أنا زول جماهد حاربت يف اجلنوب‪ ،‬جيي‬
‫واحد زي دا يتهمني برسقة السكر؟!‪.‬‬

‫قال القايض‪ :‬نحن ما عندنا دخل بالسكر‪ ،‬يف جهات تانية‬
‫خمتصة باملوضوع دا‪ .‬نحن هنا قضيتنا الناس ديل اعتديت عليهم‬
‫ّ‬
‫وال أل؟‪.‬‬
‫أعلن املتهم‪ :‬ما اعتديت عليهم!‪.‬‬

‫والدم الفي جالبية الزول دا شنو؟ ويده املكسورة! واعرتافك‬
‫إنكم رديتو العدوان؟!‪.‬‬
‫الزول دة ِ‬
‫قاصدْ ين‪ ،‬قال داير قطعة واطة لولده‪ .‬جانا بعد عملنا‬

‫اخلطة اإلسكانية‪ .‬قلنا ليه اخلطة خلصت‪ ،‬قدّ م بعد سنة نكون‬
‫وزعناها كلها سكن‪ ،‬الناس‬
‫بدينا اخلطة التانية‪ .‬دي بلد زراعية لو ّ‬
‫حيزرعوا وين؟ وال يبقى القمح زي اجلرجري يزرعوه يف حيشان‬
‫البيوت؟!‪.‬‬

‫تدخل املواطن عبد السميع بدون إذن القايض‪ :‬إنت ّ‬
‫ّ‬
‫كذاب‪.‬‬
‫إنت الش ّغال توزع يف األرايض الزراعية احلكومية وتبيعها‪ .‬املرشوع‬
‫التعاوين نزعتوا نصف أراضيه احلكومية وبعتوها للمغرتبني سكن‪،‬‬
‫توزعوا ليهم يف اخلالء رشق القرية أرايض غري صاحلة‬
‫كان ممكن ّ‬
‫للزراعة‪ ،‬لكن إنت داير تستفيد‪ ،‬عارف األرض هنا سعرها غايل!‬
‫ومرشوع الشجرة الكانت البلد دي وكل القرى املجاورة عايشة‬
‫منه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وغشيتوا الناس قلتوا حنعمله‬
‫دخلتوا أصحابه السجن‬
‫‪130‬‬

‫مرشوع تعاوين وبعتوه ملستثمر عريب! والقروش يف جيوبكم‪ ،‬إنتو‬
‫قايلني نحن نايمني؟‪.‬‬
‫متهرب‬
‫إنت بتتّهمني بالرسقة؟ إنت نسيت إنك طول عمرك ّ‬
‫من دفع الرضائب والزكاة ولوال تقديرنا لظروفك وظروف‬
‫أوالدك الصغار كان دخلناك السجن!‪.‬‬
‫خبط القايض املنضدة لوقف املشاجرة‪ ،‬لكن شيخ النور لكزه‬
‫بيده‪ :‬خليهم! دي فرصة نسمع فضايح الكوز دا‪ ،‬أنا أول مرة‬
‫أعرف بقصة املستثمر العريب دي!‪.‬‬
‫قال القايض مهسا‪ :‬اجلامعة جوا وزرعوا الربسيم‪ ،‬إنت ما عندك‬
‫خرب احلاصل يف البلد؟‪ .‬قال النور‪ :‬ما جتيبوا يل املستثمر العريب دا‬
‫أبيع ليه حتة واطة‪ ،‬تعبت من الزراعة بدون فائدة!‪.‬‬

‫انتبه القايض عىل صوت عبد الرسول وهو يتقدّ م حماوال‬
‫االعتداء عىل املواطن عبد السميع‪ :‬متسك خشمك وال أكرس ليك‬
‫يدك التانية كامن!‪.‬‬

‫قال القايض‪ :‬دي حماولة لالعتداء عىل مواطن يف املحكمة‬
‫واعرتاف بأنك اعتديت عليه‪ ،‬بام إنك اعرتفت بكرس يده األوىل!‪.‬‬

‫قال عبدالرسول‪ :‬أنا جاهدت يف اجلنوب وعندي شهادة جماهد‬
‫و‪...‬‬
‫قال القايض‪ :‬جاهدت يف اجلنوب جاهدت يف الشامل‪ ،‬دي ما‬
‫شغلتنا هنا‪ ،‬الزول دا واجلامعة املعاه رضبتهم ليه؟‪.‬‬
‫أنا جاهدت يف اجلنوب‪ ،‬جيي واحد يتهمني قدّ ام أوالدي‬

‫‪131‬‬

‫برسقة السكر؟! أعمل ليه شنو‪ ،‬أرضب ليه تعظيم وال أجيب‬
‫ليهم قهوة!‪.‬‬
‫حكمت املحكمة حضوريا عىل املتهم عبد الرسول صالح‬
‫الدين بالسجن شهر والغرامة عرشة آالف جنيه تعويض للمجني‬
‫وحتمل منرصفات عالجهم‪.‬‬
‫عليهم ُّ‬
‫ُرفعت اجللسة‪.‬‬

‫حييا العدل‪.‬‬

‫تأهب القايض واحلضور لالنرصاف من املكان‪ ،‬بينام بقى‬
‫ّ‬
‫الكوز يف مكانه ير ّدد‪:‬‬

‫أنا جاهدت يف اجلنوب‪ ،‬جيي واحد زي دا حيكم عيل بالسجن؟‬
‫أنا عندي شهادة‪...‬‬

‫‪132‬‬

‫الرسقة مباحة أثناء خسوف القمر‬

‫افتتح القايض املحكمة الشعبية‪ :‬ال بأس‪ ،‬نبدأ‪ .‬وأشار للحاجب‬
‫لينادي عىل القضية األوىل‪.‬‬

‫نادى عبد العاطي عىل الشاكي األول حسن األعور‪ ،‬الذي‬
‫أعلن دون مقدّ مات ودون أن ينتظر القايض ليسأله عن مشكلته‪:‬‬
‫احلنني رسق مني ربطة قصب!‪.‬‬

‫مسح القايض وجهه الضخم من العرق بمنديل أبيض ضخم‬