‫كتري‪ ،‬وكل ما كنت بحاول أهرب منه كان هيددين بالعقد‪ ،‬ويرجعني بالقوة‪ ،‬حلد ما‬
‫قدرت أوصل ليل أكرب وأقوى منه‪ ،‬وخلصني منه‪ ،‬وولع له يف الصالة‪ ،‬ولفق له هتمة‬
‫كبرية دخل فيها السجن ‪ 15‬سنة‪ ،‬واديتله املقابل اليل كان عاوزه‪ ،‬وفضلت معاه حلد‬
‫ما وصلت ليل أكرب منه‪ ،‬واليل أكرب وأكرب‪ ،‬يعني أنا أعدائي كتري‪ ،‬والزم حد كبري‬
‫حيميني ويقف يف ضهري‪.‬‬
‫ أنا جنبك ومش هسيبك يا ست فدوى‪ ،‬ابعدي أنت عن الناس دي وأنا‬‫هفضل جنبك وهحميكي‪.‬‬
‫فضحكت فدوى من كالمه ومل جتب‪ ،‬وعادا للقرص بنفس طريقة هروهبم‪،‬‬
‫وصعدت حلجرهتا‪ ،‬وأخذت محامها‪ ،‬وحاولت النوم‪ ،‬ولكنها مل تستطع‪ ،‬وأخذت‬
‫تفكر يف كل ما حدث هلا‪ ،‬وتعيد رشيط حياهتا غري السعيد‪ ،‬وهامجتها الذكريات‬
‫برشاسة ال ترحم‪ ،‬ونغزها بقايا ضمريها الذي أيقظه حديث نادية الكومبارس معها‪،‬‬
‫فلم تدر إال وقدماها تأخذاهنا حلجرة مصطفى‪ ،‬ودقت عليه الباب‪ ،‬فلم جيب‪ ،‬فقد‬

‫‪- 113 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫كان نائام يف فراشه‪ ،‬وبدا بمالحمه الطيبة الطفولية كمالك هبط يف جهنم قرصها من‬
‫دون ميعاد‪.‬‬
‫فاقرتبت منه النجمة‪ ،‬وقبلته من رأسه‪ ،‬وداعبت خصالت شعره بيدهيا‪ ،‬وكأهنا‬
‫قررت فجأة أن تكافئه عىل شهامته وطيبته بأن تعطيه نفسها‪ ،‬فهو ليس بأقل من غريه‬
‫الذين نالوها من قبل‪ ،‬فاستيقظ مصطفى مفزوعا ال يدري ماذا يفعل‪ ،‬وماذا يقول‪،‬‬
‫ولكنه متاسك واعتذر للنجمة‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ أنا آسف يا ست فدوى‪ ،‬أنا كنت نايم ما حستش بسعادتك‪ ،‬حرضتك‬‫تؤمريني بحاجة؟ أنا حتت أمرك‪.‬‬
‫فضحكت فدوى هبسترييا وقالت‪:‬‬
‫ أنا اليل حتت أمرك يا مصطفى‪.‬‬‫وقفزت بجانبه عىل الفراش بدالل‪ ،‬وضحكت ضحكة رنانة هلا مغزى ومعنى‬
‫وهدف‪ ،‬فقام مصطفى من فراشه‪ ،‬ومىض بعيدا يف آخر احلجرة يتطلع إليها‪ ،‬مرتجيا‬
‫إياها أن ترتكه وشأنه‪ ،‬وال تفتنه يف شجاعته التي بدأت ختونه‪ ،‬وأعصابه التي بدأت‬
‫تنهار‪ ،‬فقالت له‪:‬‬
‫ إيه؟ قمت وبعدت ليه كده؟ هو أنا مش عاجباك؟‬‫فقال هلا وعينه يف األرض‪:‬‬

‫‪- 114 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ بالعكس يا ست فدوى هانم‪ ،‬أنت حلم ألي واحد عىل وش األرض‪ ،‬بس‬‫ساحميني‪ ،‬أنا ما بقربش من احلرام‪ ،‬وما بحبش أعمل حاجة حرام‪.‬‬
‫فغضبت فدوى‪ ،‬واستعادت شخصية النجمة املغرورة املتغطرسة وقالت‪:‬‬
‫ أنت برتفضني يا متخلف أنت؟ وال تكونش عاوز تتجوزين يا مصطفى بيه؟‬‫فقال هلا‪:‬‬
‫ العفو يا هانم‪ ،‬أنا بس بخاف ربنا‪ ،‬وما بحبش أغضبه‪.‬‬‫فقامت فدوى غاضبة ونادت عىل اخلدم يف القرص وأيقظتهم من نومهم وقالت‪:‬‬
‫ حد جييبيل ورقة وقلم برسعة‪.‬‬‫فأتاها اخلدم بدفرت أوارق‪ ،‬وعلبة مليئة باألقالم‪ ،‬كانت توقع هبم عقود أفالمها‬
‫وزواجها أيضا‪ ،‬وبكل بساطة كتبت بنفسها ورقتي زواج عريف‪ ،‬واحدة هلا وواحدة‬
‫له‪ ،‬ومضت بإسمها احلقيقى وأمرته أن يوقع باسمه‪ ،‬فأمسك القلم الذي من شدة‬
‫اضطرابه وقع منه‪ ،‬فانحنت فدوى بدالل وتناولت القلم وأعطته ملصطفى‪ ،‬وهي‬
‫تداعب يده وتبتسم له‪ ،‬فارتبك وكاد يوقع القلم من جديد‪ ،‬ولكنه مد يده ووقع‬
‫الورقة بيد مرتعشة ال تعرف ماذا تصنع‪ ،‬ثم أمسكت تليفوهنا واعتذرت للمنتج عن‬
‫التصوير؛ ألهنا مسافرة لوالدهتا املريضة‪ ،‬وأمرت اخلادمة أن جتهز هلا مالبسها‬
‫ومالبس مصطفى‪ ،‬وامتثلت اخلادمة ألمرها وكأهنا معتادة عىل مثل تلك املفاجآت‬
‫التي بدت عادية جدا يف القرص‪ ،‬وجهزوا هلا السيارة اجليب‪ ،‬وانطلقت بمصطفى‬
‫‪- 115 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫بعيدا رغم حتذيرات األمن هلا بعدم املغادرة‪ ،‬لكنها مل متتثل‪ ،‬ومصطفى صامت‬
‫غامض ال يتكلم وال يعرف بامذا ينطق إذا تكلم‪ ،‬وأخذته لفيلتها التي بدت كالقلعة‬
‫احلصينة عىل صخرة عالية يف الساحل الشاميل‪ ،‬واحتفلت بزواجها‪ ،‬وغاصت يف بحر‬
‫عسل أعطت مصطفى فيه بعضا منها‪ ،‬وامتصته هي كله برجولته وبراءته وقلة‬
‫جتاربه‪ ،‬وشبابه وعفويته‪ ،‬وزادت فدوى مجاال عىل مجاهلا بعد أن تفتحت وردة‬
‫مشاعرها عىل يد بستاين شاب من عمرها‪ ،‬بعد كل ما مر عليها من شيوخ وكهول‬
‫متصابني‪ ،‬وأحبته وذاق قلبها احلب ألول مرة‪ ،‬حبا حقيقيا عفويا‪ ،‬بال مصلحة وال‬
‫هدف‪ ،‬غري احلب واالرتواء من احلياة والسعادة‪ ،‬ورحيق الشباب النابض يف عروق‬
‫مصطفى الفتى القوي‪.‬‬
‫أما مصطفى فكانت فدوى أكرب من كل أحالمه وآماله‪ ،‬وكانت أقىص طموحات‬
‫حياته أن يقف أمامها يف دور أو حيظى باجللوس بالقرب منها يف بالتوه‪ ،‬واستيقظت‬
‫فدوى وزوجها يف الصباح عىل خرب يزف هلا نبأ أهنم استطاعوا القبض عىل الرجل‬
‫الذي حاول قتلها‪ ،‬واعرتف بكل حماوالته‪ ،‬وأهنا من اآلن تستطيع أن تعيش حياهتا‬
‫بال هتديد‪ ،‬ومتارس حريتها بال خوف‪ ،‬وفرحت فدوى ومصطفى وعادا للقرص‬
‫فرحني‪ ،‬واكمال تصوير فيلمهام‪ ،‬ولكن ال أحد يعرف بزواجهام بناء عىل طلب‬
‫النجمة‪ ،‬إال نادية‪ ،‬فقد حدثتها نفسها املحبة ملصطفى بأن شيئا قد حدث بني فدوى‬
‫ومصطفى أكرب وأقوى من جمرد حماولة أو حماولتي قتل أفشلهام مصطفى بشجاعته‪،‬‬

‫‪- 116 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫كانت تعلم أن مصطفى أصبح نزوة يف حياة النجمة‪ ،‬لكنها كانت خائفة عىل قلب‬
‫مصطفى ومشاعره‪ ،‬وانطفاء فرحة تطل من عينيه كلام رأته بجانب فدوى‪.‬‬
‫كانت فدوى كثرية العالقات املثرية للجدل‪ ،‬بمن هم أعظم وأشهر وأغنى‬
‫وأقوى من مصطفى‪ ،‬لذلك مل يكرتث أحد ممن حوهلا لوجود مصطفى يف حياهتا‪،‬‬
‫ووافقوا عىل تصديق كذبة أنه يالزمها؛ ألنه حارسها الشخيص‪ ،‬وبعد ميض يومني‬
‫عىل القبض عىل سيد البنش الذي حاول قتل فدوى أكثر من مرة‪ ،‬وأثناء قيلولة‬
‫فدوى ومصطفى فاجأمها تليفون من الشخصية املهمة يريد أن حيرض ملقابلتها يف‬
‫القرص‪ ،‬فوافقت فدوى‪ ،‬وأمرت اخلدم باالنرصاف‪ ،‬فتعجب مصطفى وقال‪:‬‬
‫ إيه اليل أنا بسمعه ده؟ أنت هتقابيل الراجل ده تاين يا فدوى؟ أنا مش مصدق‬‫وداين‪ ،‬أنت أكيد جرى لعقلك حاجة‪.‬‬
‫ هيجرى لعقيل حاجة فعال لو رفضت إين أقابله‪ ،‬أنت ما تعرفش الراجل ده‬‫ممكن يعمل فينا إيه؟‬
‫فغضب مصطفى وقال‪:‬‬
‫ وأنا بصفتي جوزك مش موافق‪ ،‬ومهنعك إنك تقابليه‪.‬‬‫ مصطفى يا حبيبي‪ ،‬ما ختافش عليا‪ ،‬أنا هعرف أترصف معاه‪ ،‬اميش أنت‬‫دلوقتي وملا ترجع هتالقي األمور كلها بقت متام‪.‬‬
‫فنظر هلا بتعجب غري مصدق‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫‪- 117 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ أنت عاوزاين أنا كامن أميش وأسيب مرايت مع راجل غريب؟ أنت أكيد جمنونة‪،‬‬‫ده مستحيل حيصل أبدا‪.‬‬
‫ مفيش وقت للكالم الكتري‪ ،‬الراجل زمانه جاي‪ ،‬وما ينفعش يشوفك هنا‪،‬‬‫اتفضل بقى لو سمحت‪.‬‬
‫فخبط مصطفى كفا بكف وقال‪:‬‬
‫ ما ينفعش يشوف جوزك معاكي‪ ،‬لكن ينفع إن جوزك يسيبك معاه عادي‬‫كده‪ ،‬أنت بتقويل إيه؟ أنت فامهة أنت بتقويل إيه؟‬
‫قبل أن تكمل كان الرجل قد جاء‪ ،‬فرتجت مصطفى أن يصعد حلجرته وال يظهر‬
‫حتى ينرصف الضيف‪ ،‬وجيب أن يثق فيها ويسمع ما تقول‪ ،‬وصعد مصطفى‬
‫للحجرة مرغام والدماء تغيل يف عروقه‪.‬‬
‫فدخل عليها الرجل املهم مهنئا هلا؛ ألهنا أخريا استطاعت أن تتخلص من القاتل‬
‫الذي حاول قتلها‪ ،‬وأخربها كذبا بالطبع أنه قد كان له دور كبري يف القبض عليه‪،‬‬
‫فضال عن أنه عندما تركها وانرصف مل يرتكها خوفا أو جبنا‪ ،‬وإنام لكي يستدعي هلا‬
‫املساعدة‪ ،‬حتى أن هذا الرجل الذي يدعى مصطفى البودي جارد الذي يالزمها هو‬
‫من رجاله‪ ،‬ويقبض منه لكي حيميها‪ ،‬لكنه يبقي األمر رسا بينه وبني مصطفى هذا‪،‬‬
‫فهزت فدوى رأسها وقالت‪:‬‬
‫ طبعا طبعا‪ ،‬كلنا عايشني يف محايتك وحتت رعايتك يا قاسم بيه‪.‬‬‫‪- 118 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫فقال هلا‪:‬‬
‫ ال‪ ،‬قاسم بيه إيه قولييل يا كوكو زي زمان‪.‬‬‫واقرتب منها حياول احتضاهنا‪ ،‬وانتظر مصطفى أن ترفض فدوى أو أن تدفع‬
‫الرجل عنها‪ ،‬ولكنها مل تفعل‪ ،‬فخرج مصطفى غاضبا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ هي دي الثقة يا فدوى هانم؟ وهو ده الترصف اليل أنت هتترصفيه معاه؟‬‫فتطلع فيه الرجل وقال‪:‬‬
‫ أنت مني؟ وازاي تدخل علينا كده؟ أنت اجتننت؟ مني ده يا فدوى؟‬‫فرد مصطفى‪:‬‬
‫ أنا يا كوكو بيه البودي جارد بتاع ست فدوى اليل أنت بتدفعله علشان حيميها‪،‬‬‫إيه؟ نسيتني برسعة كده يا كوكو بيه؟‬
‫فقال الرجل‪:‬‬
‫ وازاي تدخل علينا كده؟ وازاي ما مشيتش مع اخلدامني؟ ازاي يا فدوى؟ أنا‬‫قولتلك ألف مرة إن القرص الزم يفىض متاما قبل وصويل‪.‬‬
‫فقال مصطفى‪:‬‬

‫‪- 119 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ من آخر مرة كنت فيها هنا وهربت وسيبتها لوحدها مع القاتل وأنا عرفت‬‫إنك راجل جبان‪ ،‬وأنا هنا بقوم بشغيل علشان أمحيها؛ ألن اليل زيك بفلوسه وجاهه‬
‫ما يعرفش حيمي ست مسكينة ملا تستجري بيه يف وقت شدة‪.‬‬
‫فصاح الرجل بعصبية وبغرور‪:‬‬
‫ أنا هوديك يف ستني داهية‪ ،‬أنت مش عارف أنت بتكلم مني؟‬‫فقال مصطفى‪:‬‬
‫ أنا فعال ما كنتش عارف‪ ،‬بس دلوقتي عرفت‪ ،‬أنت كوكو بيه‪ ،‬راجل جبان‬‫وعجوز متصايب‪ ،‬بتستغل اسمك وسلطتك وفلوسك يف الفساد واإلفساد‪ ،‬وبتحب‬
‫احلرام‪ ،‬مع إنك راجل كبري ورجلك والقرب‪.‬‬
‫فخرج الرجل غاضبا‪ ،‬يصيح ويلعن ويتوعد ملصطفى الذي التفت له فدوى‬
‫وقالت‪:‬‬
‫ إيه اليل أنت عملته ده؟!‬‫ اليل يعمله أي راجل حر‪ ،‬وال أنت عاوزاين أسيب مرايت يف حضن راجل غريب؟‬‫ الراجل ده ممكن يدمرك ويقيض عليك‪ ،‬أنت ما تعرفوش‪.‬‬‫ أنت اليل ما تعرفينيش يا فدوى‪ ،‬أنا صحيح واحد غلبان عىل قده كومبارس‬‫فاكر نفسه بطل‪ ،‬بس أنا من جوايا فعال بطل‪ ،‬اليل يدمرين ويقيض عليا إين أفرط يف‬
‫كرامتي وأخرس احرتامي لنفيس‪ ،‬أنت بتحبيني يا فدوى؟‬
‫‪- 120 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫فقالت فدوى وهي ترمتي يف أحضانه كقطة حتتمي بصاحبها‪:‬‬
‫ أكرت من أي حاجة يف حيايت يا مصطفى‪.‬‬‫قال هلا‪:‬‬
‫ خالص‪ ،‬يبقى تيجي معايا وتسيبك من حياة العهر والقرف دي‪ ،‬وترجعي‬‫معايا بلدنا‪ ،‬هناك ال حد يعرفنا وال نعرف حد‪ ،‬عندي قرياطني نزرعهم ونعيش من‬
‫خريهم‪ ،‬وتنيس كل اليل فات من حياتك‪ ،‬ونبدأ من جديد‪.‬‬
‫فرتكته فدوى وأعطته ظهرها وقالت‪:‬‬
‫ موافقة‪ ،‬بس سيبني كامن كام يوم أظبط أموري‪ ،‬وأجهز نفيس‪.‬‬‫فقال هلا‪:‬‬
‫ بجد يا فدوى؟‬‫فقالت له‪:‬‬
‫ صدقني يا مصطفى املرة دي بجد‪.‬‬‫فحملها وطار هبا وهو يعدها بالسعادة‪ ،‬ثم تناوال عشاءمها معا‪ ،‬وقىض الليل‬
‫يرسم هلا أحالمه البسيطة جدا‪ ،‬ويصف هلا حدود دنياه اجلديدة السعيدة معها‪،‬‬
‫واستيقظ يف الصباح فلم جيدها بجواره‪ ،‬ومل يعرف أحد طريقا للنجمة‪ ،‬فلم تكن يف‬
‫بالتوه التصوير‪ ،‬وال يف القرص‪ ،‬وحتى البودي جارد الثريان البرشية التي يف القرص مل‬
‫‪- 121 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫يعرفوا هلا مكانا‪ ،‬وموبايلها مغلق وال جييب‪ ،‬وجن جنون مصطفى‪ ،‬ومىض يفتش‬
‫عنها‪ ،‬وعادت آخر الليل متعبة‪ ،‬فسأهلا مصطفى‪:‬‬
‫ ممكن أعرف كنتي فني يا فدوى طول النهار؟‬‫فقالت فدوى‪:‬‬
‫ أنا مش قولتلك يا مصطفى سيبني كام يوم أظبط حايل؟ أنا كنت بظبط حايل‪،‬‬‫وهقولك عىل كل حاجة بس الصبح؛ ألين مهوت وأنام‪ ،‬وعىل فكرة‪ ،‬جهز نفسك‬
‫علشان هتوقع بكرة بطولة فيلم وبمبلغ كبري كامن‪.‬‬
‫فقال هلا‪:‬‬
‫ والسفر؟ أنت مش وعدتيني إنك هتيجي معايا البلد؟‬‫قالت له‪:‬‬
‫ واالعتزال ده مش حمتاج فلوس؟ الزم نشتغل فيلمني تالتة وبعدين نعتزل مع‬‫بعض‪ ،‬وسيبني أنام بقى دلوقتي وبكرة نبقى نتفاهم‪.‬‬
‫وتركته ودخلت وغابت يف نوم عميق‪ ،‬واستيقظ يف الصباح فلم جيدها‪ ،‬فتعجب‬
‫لغياهبا‪ ،‬وتعجب أكثر حني سمع عن سقوط رجل مهم يف الدولة يف قضية فساد‬
‫كربى هو قاسم شكري «كوكو بيه»‪ ،‬فلم يرتح للخرب‪ ،‬وقرر أن يعرف أين تذهب‬
‫فدوى‪ ،‬وملاذا ختتفي‪ ،‬وما عالقة اختفائها باخلرب الذي تذيعه كل القنوات‪ ،‬وتتحدث‬
‫عنه كل األلسنة‪ ،‬وهنش الشيطان عقله‪ ،‬وتصور مائة سيناريو‪ ،‬ومائة فيلم‪ ،‬وقطع‬
‫‪- 122 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫خياله اخلصب تليفون من فدوى ختربه فيه أهنا يف البالتوه تنتظره هي واملنتج‬
‫واملخرج؛ لتوقيع عقد الفيلم‪ ،‬فالم مصطفى نفسه كثريا‪ ،‬وطار إليها يف االستوديو؛‬
‫ليزف إليها خرب وقوع كوكو بيه الذي هيدد حياهتم بخطورته‪ ،‬وجربوته‪ ،‬وقابلها‬
‫وزف إليها اخلرب‪ ،‬فاصطنعت فرحة باهتة ال تليق بحجم اخلرب السعيد‪ ،‬واحلدث‬
‫اجللل‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫ تعاىل وقع عقد الفيلم وبعدين نبقى نتكلم يف اخلرب‪.‬‬‫فوقع مصطفى عىل العقد‪ ،‬وقبض أكرب مبلغ يف حياته‪ ،‬غري مصدق ما هو فيه‪،‬‬
‫حتى أنه نيس أمر سفره للبلد‪ ،‬وأحالمه للعودة بفدوى بعيدا‪ ،‬فالفرحة حني تأيت عىل‬
‫غري ميعاد تلغي وعودا وهتدم مشاريع‪ ،‬وتبني أخرى يف ملح البرص‪ ،‬وكانت قصة‬
‫الفيلم اجلديدة الذي سيلعب بطولتها مستوحاة من قصته مع فدوى يف حماوالت‬
‫االغتيال التي نجاها منها‪ ،‬أو بمعنى أوضح استثامر لألحداث واألخبار‪ ،‬ولفضول‬
‫اجلمهور ملعرفة ما حدث للنجمة الالمعة‪ ،‬والفرجة عىل الكومبارس الذي حتول إىل‬
‫نجم بفضل شهامته‪ ،‬رغم افتقاره للموهبة التي تؤهله للنجومية‪.‬‬
‫وهنأه اجلميع‪ ،‬وأقبلوا عليه يقبلونه‪ ،‬فلمح نادية من بعيد تنظر نحوه بأسف‪،‬‬
‫وتتطلع فيه بحزن‪ ،‬ثم مضت وتركته‪ ،‬فلم ينادها رغم تعلق عينيه هبا وهي تغادر‪،‬‬
‫وعاد للقرص سعيدا بالعقد‪ ،‬وبالشيك‪ ،‬وبالدنيا اجلديدة التي فتحت أبواهبا عىل‬
‫مرصاعيها له‪.‬‬

‫‪- 123 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫وجلس مع فدوى يبدي بلسانه فقط اعرتاضه عىل تأجيل قرارمها بالسفر‪ ،‬أما‬
‫قلبه فكان يزغرد بني ضلوعه‪ ،‬وكانت فدوى تشعر بذلك‪ ،‬وتتفهمه‪ ،‬ولكنها مل ترد‬
‫إحراجه فقالت له‪:‬‬
‫ أنا كنت عاوزاك بس تثبت للناس كلها قدراتك كنجم كبري‪ ،‬وترجع بلدكم‬‫نجم‪ ،‬وال أنت عاوز خترج منها كومبارس؟ وترجع ليها كومبارس؟ وبعدين ما دام‬
‫قاسم وقع وغار بعيد عننا يبقى إيه اليل خيلينا نستعجل وناخد قرارنا من غري ما‬
‫نستعد له؟‬
‫فنظر مصطفى هلا وقال‪:‬‬
‫ ما تعرفيش قاسم إيه اليل وقعه الوقعة السودا دي؟‬‫فارتبكت فدوى وقالت‪:‬‬
‫هو ما عملش شوية‪ ،‬وأعداؤه كتري‪ ،‬وكان الزم دي تبقى هنايته‪ ،‬بقولك إيه؟ أنا‬
‫عاوزة أحتفل باملناسبة دي‪ ،‬عاوزاك تعزمني عند عم كوارع الفحل عىل جوزين محام‬
‫وكيلو كباب وكفتة‪ ،‬ونقول لنادية كامن تيجي تتعشى معانا‪ ،‬أنا كلمتلها املخرج‬
‫يشوف هلا دور معاك يف الفيلم‪.‬‬
‫فشكرها مصطفى‪ ،‬وتنكرت فدوى وخرجت معه‪ ،‬ومرا عىل نادية‪ ،‬ونزلت معهام‬
‫للعشاء وقضاء سهرهتم عند عم كوارع الفحل‪ ،‬وجلس الثالثة بعد أن عرفها‬

‫‪- 124 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫مصطفى بشخص فدوى‪ ،‬وبقيت نادية طيلة العشاء صامتة سارحة ال تتكلم‬
‫كعادهتا‪ ،‬فقال هلا مصطفى‪:‬‬
‫ أنت ليه الصبح ما جيتيش هتنيني يا حقودة يا أم قلب أسود زي بقية الزمال؟‬‫ أعمل إيه يف نفيس؟ ما هو أنا زي ما أنت قولت كده بالظبط حقودة وقلبي أسود‪.‬‬‫ أمجل حاجة فيكي يا نادية إنك رصحية‪ ،‬ورغم رصاحتك دي وطولة لسانك‬‫اليل ما أعرفش ماله النهارده‪ ،‬فدوى هانم عماللك مفاجأة كبرية هتطلعي منها‬
‫بقرشني كويسني‪ ،‬وهتديكي دور يف فيلمها اجلديد‪ ،‬وبكرة ممكن تيجي تقابيل املنتج‬
‫وتتفقي وتقبيض كامن‪.‬‬
‫ شكرا ليك يا مصطفى بيه أنت وست فدوى هانم‪.‬‬‫ هو أنت إيه اليل حصلك؟ مالك بقيتي فجأة كده مؤدبة زيادة عن اللزوم؟‬‫وكامن دمك تقيل وكالمك قليل‪.‬‬
‫ أبدا‪ ،‬أصل عملت بنصيحتك بتاعة املرة اليل فاتت ورشبت كلور وإزازة‬‫بطاس علشان أنضف زفرة لساين‪ ،‬وتقريبا مهة اليل خلوين كده‪ ،‬ممكن أستأذنكم‬
‫أروح أنا وألف الكباب وآخده معايا؟‬
‫ طول عمرك بخيلة جلدة يا نادية يا ختى‬‫ ده اليل هو أنا‪ ،‬مش أنت خالص‪ ،‬مع إنك بقيت بطل وقبضت فلوس‬‫عىل قلبك قد كده‪ ،‬ولسه بردو بتعزمنا عند عم كوراع الفحل‪ ،‬ومحلت الطعام‬
‫‪- 125 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ومضت بعيد ا‪ ،‬وتركتهم يضحكوا وهي ترسم الضحكة عىل وجهها لتخفي‬
‫سيل دموع قلبها‪.‬‬
‫ويف الصباح حرضت نادية وجلست بحضور فدوى ومصطفى يف حرضة‬
‫املخرج؛ لتتفق عىل دورها يف الفيلم اجلديد‪ ،‬ومتيل رشوطها وكأهنا نجمة معتزة‬
‫بتارخيها‪ ،‬وتقول هلم‪:‬‬
‫ أي دور يف الفيلم أنا ممكن ألعبه عادي‪ ،‬بس أنا ال بلبس عريان‪ ،‬وال برقص‪،‬‬‫وال ينفع أظهر خلفية يف بيت مشبوه‪ ،‬لو موافقني عىل كالمي أنا موافقة عىل أي دور‬
‫مهام كان إنشاهلل أظهر بصوابع رجيل‪ ،‬أو طرطوفة مناخريي‪.‬‬
‫فضحك املخرج وقال هلا‪:‬‬
‫ ده أنت طلعتي نمرة يا نادية وعاوزالك فيلم كوميدي يظهر خفة دمك دي‪.‬‬‫وانشغل مصطفى بالدور اجلديد‪ ،‬وشارك نادية أكثر من مشهد ساعدته فيه‬
‫بموهبتها وخفة ظلها‪ ،‬حتى لفتت نظر العديد من املخرجني يف البالتوه‪ ،‬وجاءهتا‬
‫عروض كثرية ليست أدوارا كبرية‪ ،‬لكنها بالنسبة لكومبارس مثلها تعد نجاحا باهرا‪،‬‬
‫وأكثر ما أسعد مصطفى أن فدوى يف هذا الفيلم التزمت احلشمة بعض اليشء‪،‬‬
‫واختارت مالبسها بصورة جديدة ليس فيها ابتذال أو إسفاف‪ ،‬ولكنها كانت تتغيب‬
‫كثريا بحجة التصوير اخلارجي ملسلسل جديد آخر حيتاج منها التواجد املستمر‪،‬‬
‫وألن مصطفى كان مشغوال بفيلمه وتصوير مشاهده‪ ،‬مل يعرها اهتامما حتى آخر‬
‫‪- 126 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫مشهد يف الفيلم‪ ،‬والذي كان جيمعه بفدوى‪ ،‬وجاءها فيه تليفون جعلها ترتبك يف‬
‫أداء اخر مشاهدها‪ ،‬حتى أهنا مل تستطع أن تكمله رغم أن كل من يف البالتوه ترجوها‬
‫أن تنجزه؛ ألنه آخر مشهد يف الفيلم‪ ،‬ولكنها رفضت‪ ،‬وادعت أن لدهيا موعدا ال‬
‫تستطيع التأخر عنه‪ ،‬حتى أهنا مل تغري مالبس التصوير‪ ،‬وانطلقت بعيدا بعد أن‬
‫استدعت عم أنور السواق ليحملها ملكان مشوارها اهلام هذا‪.‬‬
‫أما مصطفى فقرر أن يذهب لنادية يف حجرة الكومبارس ليستعني هبا عىل شيطان‬
‫شكه وينساه بأحاديث نادية املرحة خفيفة الظل‪ ،‬وما أن دخل خطوتني نحو غرفة‬
‫نادية حتى سمعها تتشاجر مع أحد العاملني يف البالتوه وتقول‪:‬‬
‫ بطلوا بقى كالم عىل الناس‪ ،‬جتكم داهية يف كالمكم ويف حقدكم‪،‬‬‫مصطفى أنضف منك ومن عيلتك يا عم مريس يا كيالكيت‪ ،‬هو نجم‪ ،‬أما أنت‬
‫هتعيش كالكيت ومتوت كالكيت‪ ،‬وعشان كده هتموت منه‪ ..‬موت يا عم‬
‫مريس يا كالكيت‪.‬‬
‫ فدوى هي اليل خلته نجم‪ ،‬وبكرة تعمل غريه وغريه‪ ،‬الناس عارفة إهنا‬‫متجوزاه يف الرس‪ ،‬وهي لو كانت بتحبه ومايل عينها كانت خلت جوازها منه يف الرس‬
‫ليه؟ تسمحي تقولييل؟‬
‫ تسمح أنت ما تقوليش حاجة وتغور من ويش علشان ما أهتورش عليك‬‫وأفتح نافوخك بخشب الكالكيت اليل أنت فرحان بيه ده؟ مصطفى أرشف وأرجل‬

‫‪- 127 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫راجل يف الدنيا‪ ،‬ده حتى النجمة بتاعتك دي أول فيلم ليها تلبس فيه حمرتم وحترتم‬
‫فنها ونفسها علشان مصطفى معاها وشاكمها‪.‬‬
‫ هأ أوأوأو‪ ،‬ال ياختي علشان فوزي بيه مدكور اليل هي معاه دلوقتي بيغري‬‫عليها‪ ،‬وهو اليل طلب منها كده‪ ،‬امال انتو فاكرين مني اليل أنتج لكم الفيلم العائيل‬
‫ده؟ ما هو فوزي بيه وفلوس فوزي بيه‪ ،‬ويف أي وقت يطلبها جتري وتسيب الفيلم‬
‫يولع؛ ألنه هو املنتج يا نونة‪.‬‬
‫ وأنت بقى خمابرات وعامل يف الكالكيت بتاعك ده سامعات جتسس وبتسمع‬‫وبتشوف كل حاجة؟‬
‫ ال ياختي‪ ،‬ابن عم أمي شغال بواب عىل قرص فوزي بيه مدكور وهو اليل‬‫حكايل‪ ،‬وأنا مصدقه‪ ،‬واليل يشتغل مع فدوى السنني اليل فاتت دي يعرف‬
‫فدوى كويس‪ ،‬امال انتو فاكرين إيه؟ شوية كومبارس زيكم هيغريوا الكون‬
‫ويصل حوا البرشية؟‬
‫ ربنا يبرشنا بخرب وفاتك عن قريب يا عم مريس ونطلع عليك القرافة‬‫مانستدللك عىل مقربة‪ ،‬تكون احلرامية قشطتها وباعتك لكل طلبة الطب اليل يف‬
‫مرص‪ ،‬حتة منك تسافر املنصورة‪ ،‬وحتة تروح الصعيد‪ ،‬وحتتني يف حاليب‬
‫وشالتني‪ ،‬وتبقى أوزوريس القرن الواحد وعرشين يا عم مريس اللهم آمني‪.‬‬

‫‪- 128 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫فدخل عليهم مصطفى كاملجنون‪ ،‬وأمسك عامل الكالكيت من رقبته‪ ،‬وطلب‬
‫منه عنوان قريبه يف فيال فوزي مدكور‪ ،‬فدله عىل العنوان‪ ،‬فطار إليه ووراءه نادية‬
‫تناديه وحتاول هتدئته‪ ،‬دون جدوى‪ ،‬ووصل مصطفى متأخرا‪ ،‬فقد كانت فدوى قد‬
‫غادرت القرص وعادت لفيلتها‪ ،‬فصعد هلا والدماء جتري يف عروقه‪ ،‬ودخل عليها‬
‫فلم تنظر نحوه وقالت‪:‬‬
‫ من فضلك يا مصطفى‪ ،‬أنا تعبانة‪ ،‬سيبني دلوقتي أنام وبكرة نتكلم‪.‬‬‫ أصل الكالم كله خلص مع فوزي مدكور‪ ،‬مش كده؟‬‫فنظرت نحوه بخوف وقالت‪:‬‬
‫ أنت بتقول‪..‬‬‫ بقول إنك إنسانة وضيعة‪ ،‬عايمة يف مستنقع رذيلة‪ ،‬وعمرك ما هتنضفي وتبقي‬‫بني أدمة حمرتمة‪.‬‬
‫وأخذ يصفعها ويركلها مرات وراء مرات كاملجنون‪ ،‬فرفعت وجهها والدماء‬
‫تقطر من أنفها وفمها وقالت‪:‬‬
‫ امال كنت عاوزين أعمل إيه؟ أسيب قاسم يدمرنا؟ مكنش هيسيبك وال‬‫هيسبني‪ ،‬الناس دول أنا عارفاهم كويس‪ ،‬أنت ما تعرفش حاجة‪ ،‬كان الزم حد‬
‫حيمينا منهم يف دنيتنا دي‪ ،‬الزم يكونلك محاية علشان تقدر تعيش‪.‬‬

‫‪- 129 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫نظر هلا بغضب وحقد وقد جتمعت شياطني األرض يف عينيه‪ ،‬وكره البرشية كلها‬
‫ىف قلبه‪ ،‬ويف صدره املتهدج مرارة واشمئزاز قرون من العار وقال بائسا يائسا" ‪:‬‬
‫ ال‪ ،‬هي دنيتك أنت لوحدك‪ 100 ،‬ألف واحدة يف الدنيا دي معاكي ممثالت‬‫وخمرجات عايشني حياهتم مجهورهم هو محايتهم وحياهتم‪ ،‬اشمعنى أنت اليل عىل‬
‫طول حمتاجة محاية‪ ،‬والنهارده بتستعيني بفوزي مدكور عىل قاسم شكري زي ما‬
‫استعنتي بقاسم شكري عىل اليل قبله‪ ،‬واليل بعدهم مني يا فدوى؟ كام واحد لسه‬
‫ناقص يف لستة احلامية بتاعتك؟ عارفة أنت حمتاجة محاية عىل طول ليه يا نجمة؟‬
‫ألنك أنت واليل زيك خليتوا الدنيا غابة‪ ،‬ال فيها دين وال أخالق‪ ،‬وبتدفعوا بسخاء‬
‫من كرامتكم ومن رشفكم علشان تفسدوا الدنيا باسم الشخصية والواقعية‪ ،‬والواقع‬
‫انتو اليل خليتوه كده بعهركم ورخصكم‪ ،‬والزم ترشبوا من نفس الكاس اليل‬
‫بتسقوه للناس‪.‬‬
‫ومىض مصطفى وهو ينتفض بعيد ا ‪ ،‬ثم التفت هلا وهو يبصق يف وجهها‬
‫آ خر كلامته ‪:‬‬
‫ أنا راجع بلدي دلوقتي أزرع أريض وأدعي ربنا يساحمني وهيديني‪ ،‬وأنت‬‫ورقتك تبليها وترشيب مايتها؛ ألين ما أقبلش تبقي عىل ذمتي وتشيل اسمي واحدة‬
‫زيك‪ ،‬حتى ولو كانت نجمة‪.‬‬
‫فجذبته فدوى من مالبسه ترجوه أال يرتكها‪ ،‬وأن يظل بجانبها‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫‪- 130 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ ما تضيعش نفسك يا مصطفى‪ ،‬لسة لك آخر مشهد يف أول بطولة أفالمك‪ ،‬ما‬‫تتهورش وتسيبه‪ ،‬دي بطولة يا مصطفى‪ ،‬عارف يعني إيه بطولة؟‬
‫ أي بطولة اليل يدفع متنها منتج مرايت نايمة يف حضنه؟ هي دي البطولة يف‬‫نظرك؟ لو هي دي أنا مش عايزها‪ ،‬وهسيبك أنت وفوزي بتاعك تعملوا للفيلم‬
‫مشهد هناية يليق بيه وبيكي يا نجمة‪.‬‬
‫ودفعها ومىض حلجرته‪ ،‬ومجع ثيابه القديمة؛ بنطلونه املسطر وقميصه‬
‫الكاروهات ومىض خارج القرص‪ ،‬فوجد نادية تنتظره عىل باب القرص بعد أن‬
‫منعوها من الدخول والقلق ينهشها عليه وقالت‪:‬‬
‫ رايح فني يا مصطفى؟‬‫ راجع بلدنا يا نادية‪ ،‬أنت كان عندك حق‪ ،‬هرجع أرعى أريض‪ ،‬وأعيش يف جنة‬‫أهيل‪ ،‬بعيد عن جهنم احلمرا دي‪.‬‬
‫ وأنا يا مصطفى؟ هتميش وتسيبني؟‬‫ أنت عندك شغلك وموهبتك‪ ،‬والزم تكميل‪ ،‬بس اوعي تتخيل عن مبادئك يا‬‫نادية علشان تبقي نجمة‪ ،‬اوعي تبقي فدوى تانية‪.‬‬
‫ يا ريتني كنت زهيا علشان كنت شوفتني وحسيت بيا‪ ،‬أنا بحبك يا مصطفى‬‫وعمري ما حلمت بأكرت من إين أرجع معاك بلدك‪ ،‬نخلف عيلني نربيهم ونراعيهم‪،‬‬
‫خدين معاك يا مصطفى‪.‬‬
‫‪- 131 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ والبطولة والنجومية؟‬‫ كفاية إنى أبقى بطلة يف قصة حياتك‪ ،‬ونجمة يف فيلم نكتبه وننتجه‬‫ونمثله مع بعض‪.‬‬
‫فوضع يده عىل كتفها ومضيا معا‪ ،‬بعيدا عن بوابة قرص النجمة ؛ بوابه جهنم‬
‫احلمراء تلك ؛ ليبحثا معا عن جنة مكان هلام عىل األرض‪ ،‬يسعهام بأحالمهام‬
‫برباءهتام‪ ،‬بعيدا عن جحيم النجوم‪.‬‬
‫** متت **‬

‫‪- 132 -‬‬

‫القصة الثالثة‬

‫حب‪ ..‬ووعد‪ ..‬وثأر‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬

‫مقدمة‬
‫من غري املعقول أن نتكلم عن احلب دون أن نذكر حب الوطن‪ ،‬ذلك احلب‬
‫املقدس الذي نضحي يف سبيله بالنفيس والغايل‪ ،‬والروح والدم‪ ،‬وكثريا ما قال‬
‫القائلون يف حب الوطن‪:‬‬
‫ نموت نموت وحييا الوطن‪ ،‬ولست أعرف كيف لوطن أن حييا بعد موت‬‫شعبه‪ ،‬حقا ال أعرف‪.‬‬
‫وقد دارت أحداث هذه القصة بعد زلزال عنيف زلزل األرض من حتت أقدامنا‬
‫يف تاريخ غري بعيد‪ ،‬فقد خرجنا من بيوتنا أمام إعصار ربيعه العاصف‪ ،‬صفا واحدا‬
‫كصخرة صلدة‪ ،‬ولسبب جمهول ما زال البحث جاريا عنه حتى اآلن‪ ،‬عدنا بعد‬
‫اصطفافنا أمام عاصفته اهلوجاء‪ ،‬وقد تفرقنا أطيافا وشيعا وأحزابا وفرقا‪ ،‬ومل تكن‬
‫أحداث أي قصة حقيقية بقدر أحداث تلك القصة مع أن أشخاصها ومهيون ال‬
‫وجود هلم يف احلياة‪ ،‬ولكنهم موجودون فينا‪ ،‬يعيشون معنا‪ ،‬ويتكلمون بلساننا‪،‬‬
‫ويغذون أفعالنا‪ ،‬ويكتبون أقدارنا‪ ،‬ويؤثرون يف أحكامنا عىل كل األمور‪ ،‬فتجد أن‬
‫لكل حدث حولنا سببني‪ ،‬ووراء كل رأي رأيني‪ ،‬ومهام بلغت من العقل ومن املنطق‬
‫ومن احلكمة ال بد وأن تنتمي ألحدمها بشكل أو بآخر‪ ،‬وقد حاولت أن أنقل كلاميت‬
‫دونام انحياز ألي جبهة‪ ،‬وقد حاولت أن أنقل األحداث دون أن أصبغها برأي‬
‫‪- 134 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫شخيص خيصني‪ ،‬فضال عن أين مل أقطع وعدا‪ ،‬ومل حيركني ثأر‪ ،‬وال يدق قلبي إال‬
‫فقط حب لوطني ولكل أهل وشعب وطني‪ ،‬حتى أين كتبت وشطبت مرات ومرات‬
‫كلامت وكلامت‪ ،‬حماولة أن أكون حيادية عىل قدر املستطاع‪ ،‬وال أحسب أين نجحت‪،‬‬
‫لكني حاولت‪ ،‬واهلل عىل ما أقول شهيد‪.‬‬

‫‪- 135 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬

‫حب ووعد وثأر‬
‫دخل مكتبه غاضبا من الفوىض التي تعم املكان‪ ،‬متفحصا آثار املولوتوف عىل‬
‫اجلدران واملكاتب‪ ،‬وبقايا امللفات‪ ،‬وأخذ يدور يف الغرفة متوعدا بعهد جديد سيولد‬
‫عىل يديه‪ ،‬وكان قد تسلم مكانه لتوه بعد إجازة قصرية ؛ ليسيطر عىل زمام األمور يف‬
‫القسم الذي تم اقتحامه يف نوبة فوىض من تلك التي يسموهنا ثورة ‪.‬‬
‫وكان آرس ضابطا جمتهدا يف عمله‪ ،‬وحمط ثقة لكل رؤسائه‪ ،‬عنيدا‪ ،‬ثابت الرأي‪،‬‬
‫واضح الرؤية‪ ،‬قوي الشكيمة‪ ،‬بنيانه اجلسدي القوي يستوقف العيون يف بدلته‬
‫املريي بنجومه املتأللئة عىل جانبي كتفه‪ ،‬اسمه آرس‪ ،‬وهو فعال كان آرسا للقلوب‪،‬‬
‫وخاصة قلوب الفتيات‪ ،‬ولكنه أبدا مل يصادف من تستوقفه وترسق قلبه رغم‬
‫مجيالت عائلته الالئي يتسابقن عىل النيل منه‪ ،‬والفوز بقلبه‪ ،‬حتى أن أمه طلبت منه‬
‫أن يأيت بأخته سمر من النادي بعد عودته من عمله ؛ ألن سيارهتا معطلة‪ ،‬ففهم آرس‬
‫أن هذا كمني آخر من الكامئن الذي تنصبهم له والدته وأخته كي تقبض عليه بنت‬
‫احلالل‪ ،‬وتكلبش أصابعه بالدبلة الفضية‪ ،‬وتسجنه سجنا مؤبدا بأشغاله الشاقة يف‬
‫قفص الزوجية الذهبي‪ ،‬فلم يعارض‪ ،‬ومل يبد فهمه أو استياءه‪ ،‬وإنام ذهب فعال‬
‫للنادي ليعيد أخته للبيت‪ ،‬خمبئا تذمره داخل نفسه‪ ،‬وما أن دخل حتى وجد أخته‬
‫متحلقة حول عدد ممن يقال عنهن مجيالت النادي‪ ،‬فاجته نحوها‪ ،‬وما أن أقبل عليهن‬
‫‪- 136 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ببدلته املريي حتى تسابقن مجيعهن عىل لفت انتباهه‪ ،‬وطالبته أخته باجللوس دقائق‬
‫حتى تستعد‪ ،‬فهي تنتظر شيئا ستجلبه هلا صديقة وهي يف انتظارها‪ ،‬فجلس بينهن‬
‫صامتا مستاء‪ ،‬متظاهرا باهلدوء‪ ،‬وهو يريد أن يقلب عليهن الطاولة من تفاهتهن‬
‫وفراغهن‪ ،‬فلم يكن جيذبه يف املرآة أبدا مجاهلا اخلارجي‪ ،‬وال يمكن أن يستوقفه فيها‬
‫ترسحية شعرها‪ ،‬أو أزياء ترتدهيا‪ ،‬ما مل يصاحب كل هذا فكر وشخصية تفرض‬
‫وجودها عليه‪.‬‬
‫واصطنع آرس مكاملة ومهية عىل تليفونه املحمول‪ ،‬وأمسكه وتظاهر بأنه يتحدث‬
‫ألحدهم‪ ،‬واستأذهنن وابتعد عنهن ينفخ ويزفر أنفاس السأم والضيق‪ ،‬وما أن مىض‬
‫بضع خطوات بعيدا عن طاولة أخته حتى ترامت إىل سمعه كلامت غاضبة من‬
‫إحداهن‪ ،‬وكانت تتحدث بنربة غاضبة‪ ،‬وترد عىل كالمها أخرى‪.‬‬
‫ وطي صوتك شوية يا منة‪ ،‬مش معقول كده هتودينا يف داهية‪ ،‬وراكي ضابط‬‫وأنت عاملة تشتمي يف الداخلية‪ ،‬ومش عاجبك حد‪.‬‬
‫فالتفت آرس إىل مصدر الصوت‪ ،‬فوقعت عينه يف عينها‪ ،‬فتاة جريئة‪ ،‬متنمرة‬
‫متمردة‪ ،‬غاضبة متحفزة‪ ،‬وهي تنظر نحوه قائلة‪:‬‬
‫ وأنا مش خايفة منه وال من جهاز الرشطة كله‪ ،‬وهفضل أقول داخلية بلطجية‬‫حلد ما أموت ‪.‬‬
‫فاجته نحوها آرس بغضب وقال‪:‬‬
‫‪- 137 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ مش معنى إنك بتعيل صوتك وأنت بتشتمي إنك شجاعة ما بتخافيش‪ ،‬ال‬‫خالص‪ ،‬معناها إنك وقحة وما اتربتيش ‪.‬‬
‫ أنت مني اداك احلق إنك هتيني وتتكلم معايا باألسلوب ده؟‬‫ نفس احلق اليل أنت اديتيه لنفسك بإنك تشتمي جهاز الرشطة كله‪ ،‬اليل أنت‬‫بفضله قاعدة بتتشميس يف النادي علشان موفرلك محاية ما تستهليهاش‪ ،‬ال أنت وال‬
‫اليل شبهك‪ ،‬وعىل فكرة‪ ،‬أنا مش بس ليا احلق إين أرد عليكي وبس‪ ،‬أنا ليا احلق إين‬
‫أربيكي كامن لو كان والدك ووالدتك قرصوا يف مهمتهم دي‪ ،‬وال ما كانوش‬
‫فاضيني يقوموا معاكي بدورهم ‪.‬‬
‫فانتفضت غاضبة‪ ،‬وقامت لرتد عليه‪ ،‬فسبقتها صديقتها وقالت‪:‬‬
‫ احنا آسفني يا باشا‪ ،‬منة صاحبتي ما تقصدش‪ ،‬ده احنا بنتناقش يف حاجات‬‫وبنتكلم عن ناس هي اليل بتقول الكالم ده‪ ،‬وأنت فهمت غلط‪.‬‬
‫وأخذت صديقتها من يدها وجذبتها بعيدا عنه‪ ،‬حماولة فض شجار بينهام غري‬
‫حمسوب العواقب‪ ،‬فمضت منة معها بعيدا وهي تقول هلا‪:‬‬
‫ ومش مكسوفة يا داليا وأنت بتقوليلو يا باشا ؟ هو أنت إيه؟ شايفة نفسك‬‫فالحة يف وسية أبوه؟ ال وهو مصدق إنه باشا‪ ،‬طب يروح يشرتي طربوش يلبسه‬
‫وهو بيسوق األتوموبيل بتاعه يف العزبة اليل جاهباله أبوه‪ ،‬ما هي مرص دلوقتي بقت‬
‫عزبتهم‪ ،‬واحنا الفالحني العبيد اليل الزم نطيع‪ ،‬وإال يرضبونا بالكرباج‪.‬‬
‫‪- 138 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫وكان صوت منة واضحا رغم أهنا ابتعدت بعيدا جدا‪ ،‬مما جعله يسمع كل‬
‫كالمها بوضوح وقوة‪ ،‬األمر الذي أغضبه وأزعجه‪ ،‬حتى أنه مىض خلفها يتبعها‬
‫ليعاقبها عىل كالمها‪ ،‬لوال أن أخته وصديقتها قطعوا عليه الطريق‪ ،‬وأوقفوه‪ ،‬وقالت‬
‫له أخته‪:‬‬
‫ أنا جاهزة يا حرضة الظابط‪ ،‬يال بينا بس هنوصل مي معانا يف سكتنا‪ ،‬أصل‬‫السواق بتاعها اتأخر عليها‪.‬‬
‫فمىض معهام غاضبا صامتا‪ ،‬وما أن وصلوا للعربة حتى قالت أخته‪:‬‬
‫ اقعدي أنت قدام يا مي علشان أنا رجيل جمزوعة وواجعاين‪ ،‬وعاوزة أفردها‬‫عىل كنبة العربية ورا‪.‬‬
‫فنظر آرس يف مرآة العربية ألخته وحليلها اهلبلة املفقوسة‪ ،‬وقاد السيارة صامتا‪،‬‬
‫فعرفته أخته بصديقتها مي‪ ،‬وعائلتها الكبرية‪ ،‬وشهادهتا العالية‪ ،‬ومواهبها يف الطهي‪،‬‬
‫ومل يكن آرس يستمع هلا‪ ،‬ومل يعطها أي اهتامم أو يعلق عىل كالمها‪.‬‬
‫ورأى آرس عىل جانب الطريق الفتاة التي تطاولت عليه بالكالم‪ ،‬وصديقتها‪،‬‬
‫فتوقف فجأة وسأل أخته‪:‬‬
‫ تعريف البت دي يا أماين؟‬‫ ال طبعا‪ ،‬وأنا هعرف األشكال دي منني‪.‬‬‫فلحقتها مي صديقتها يف الكالم وقالت‪:‬‬
‫‪- 139 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ أنا أعرفها‪ ،‬دي منة شكري‪ ،‬وصاحبتها داليا مهدي طلبة‪ ،‬داليا طالبة يف كلية‬‫احلقوق‪ ،‬ومنة يف إعالم‪ ،‬بس إيه‪ ،‬عاملني فيها صفية زغلول وهدى شعراوي‪.‬‬
‫ ومهة دول أعضاء يف النادي؟‬‫ ال طبعا‪ ،‬دي أشكال تدخل النوادي !! دول يا سيدي تبع مجعية حقوقية‬‫بتجتمع بيهم يف النادي بتاعنا‪ ،‬وتالقيهم راشقني يف أي مظاهرة أو أي وقفة حقوق‬
‫الكالب‪ ،‬حق احلامر يف النهيق‪ ،‬الدفاع عن حرية الكلب اجلربان يف ممارسة جربه‪ ،‬أي‬
‫حاجة تالقيهم مشرتكني وبيهتفوا بحامس كامن‪ ،‬أي هري والسالم يعني ‪.‬‬
‫كانت تتحدث وهي تشري بيدهيا تعبريا عن وجهة نظرها‪ ،‬حتى الحظت انقساما‬
‫يف ظافر سبابتها‪ ،‬فأصاهبا حزن‪ ،‬وتوقفت عن الكالم‪ ،‬وتفرغت لظافرها املقصوف‬
‫تنظر نحوه بأسى بالغ‪ ،‬وضحك آرس عىل تعليقات مي وعىل مأساهتا املروعة يف فقد‬
‫جزء من ظافرها املعتنى به عناية ال يناهلا أكثر من نصف أطفال الشوارع‪ ،‬وقبل أن‬
‫يقود سيارته مبتعدا‪ ،‬ملح ثالثة من الشباب يتجهون نحو الفتاتني‪ ،‬ففهم بحسه‬
‫األمني أن شيئا غري مقبول سوف حيدث‪ ،‬فانتظر دقائق حتى وقع ما توقعه بالفعل؛‬
‫حيث إن الشارع الفارغ من املارة كان مكانا مناسبا لتجمع بعض الشباب الفاسد‬
‫ملضايقة الفتيات اخلارجات من النادي العريق‪ ،‬وقطع الطريق عليهن فيام يعرف‬
‫باملصطلح البغيض املسمى حترش‪ ،‬فأمسك آرس بتليفونه وطلب دورية الرشطة‬
‫القريبة من مكانه وأمرهم باحلضور حاال‪.‬‬

‫‪- 140 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫ويف اللحظة املناسبة ترجل من سيارته واجته نحوهم‪ ،‬وما أن رآه الشباب حتى‬
‫مهوا باهلروب‪ ،‬لوال أنه جذهبم من مالبسهم ورضهبم رضبا مربحا أوقعهم أرضا‪،‬‬
‫حتى جاءت عربة الدورية فحملتهم فيها‪ ،‬فأمر ضابط الدورية الفتاتني املذعورتني‬
‫منة وداليا أن تركبا معهم العربة لعمل املحرض‪ ،‬فرفضتا بشدة ركوب البوكس مع‬
‫املجرمني‪ ،‬فتدخل آرس وقال لصديقه ‪:‬‬
‫ هجيبهم بعربيتي وأحصلك عىل القسم نكمل املحرض‪ ،‬ما تقلقش‪.‬‬‫وأخذهم لعربته‪ ،‬وأجلسهام بجانب أخته التي استاءت جدا مما حدث‪ ،‬ومن‬
‫ركوب الفتاتني ذوات املستوى االجتامعى االقل منها‪ ،‬وإفساد خطتها يف تعريف‬
‫أخيها بمي صديقتها‪ ،‬وأخذت تنظر للفتاتني من أعىل ألسفل‪ ،‬ومن أسفل ألعىل‬
‫بتعال‪ ،‬حتى وصلوا لبيت مي‪ ،‬فأنزهلا‪ ،‬ثم اعاد أخته إىل البيت‪ ،‬ثم عاد أدراجه‬
‫للقسم ؛ ليكمل املحرض ومعه الفتاتان‪ ،‬فباغتته داليا معتذرة عام حدث‪ ،‬وشاكرة ملا‬
‫فعله معهام‪ ،‬فرد عليها آرس قائال‪:‬‬
‫ مفيش حاجة تستدعي االعتذار والشكر‪ ،‬أنا شغلتي أمحيكم وأحافظ عليكم‪.‬‬‫ثم نظر ملنة قاصدا بكالمه مضايقتها‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ وأريب اليل أهله ما عرفوش يربوه‪.‬‬‫فنظرت منة من شباك السيارة متجاهلة كالمه‪ ،‬حتى ال جتيبه بام ال حيب أن‬
‫يسمعه‪ ،‬ووصال إىل قسم الرشطة‪ ،‬ودخلت الفتاتان خلفه‪ ،‬وكان القسم تعمه‬
‫‪- 141 -‬‬

‫أحبك ولكن‪ ..‬غادة العليمي‬
‫الفوىض بحوائطه املحروقة‪ ،‬وأثاثه املكسور‪ ،‬فأدخلهم آرس وتبادل الكالم مع‬
‫صديقه عن رضورة إنجاز املحرض برسعة حتى ال يؤخر الفتاتني أكثر من ذلك‪،‬‬