🕥 34-دقيقة قراءة

آخر رجال آل الأسد - 2

إجمالي عدد الكلمات هو 4430
إجمالي عدد الكلمات الفريدة هو 1985
17.1 من الكلمات موجودة في 2000 كلمة الأكثر شيوعًا
27.7 من الكلمات موجودة ضمن الـ 5000 كلمة الأكثر شيوعًا
34.6 من الكلمات موجودة في الـ 8000 كلمة الأكثر شيوعًا
يمثل كل سطر النسبة المئوية للكلمات لكل 1000 كلمة الأكثر شيوعا.
  ‫عمار‪ ،‬بل صوت والده اخلمسيين األجش‪ ،‬وصوت عبد الرمحن الناعم‪ ،‬ومل‬
  ‫متض دقائق حىت دخل عمار مع الطبيب حممد‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬ماذا حيدث هنا؟ ملاذا ترك اجلميع أعماهلم فجأة؟‬
  ‫جاوب العم كأنه مسع صوت عقلي املختبئ وراء الباب‪.‬‬
  ‫_األب‪ :‬أمسكوا ثالثة من أهم شبابنا‪ ،‬عيارهم يومان حتت التعذيب ويعرتفون‪،‬‬
  ‫جيب أن جنتمع فوراً؛ لنرى كيف سنتصرف‪ ،‬وكيف سننظف األدلة‪.‬‬
  ‫بعد نصف ساعة بدأ االجتماع‪ ،‬حملت من النافذة عماراً‪ ،‬وقد أحضر قالب‬
  ‫حلوى كبري عليه ‪ ٢١‬مشعة متثّل سنوات شبابه املنتهك واتصلوا بسرعة ببعض‬
  ‫أفراد العائلة؛ للتغطية على بقية الشخصيات املهمة؛ إلقامة حفل عيد امليالد‬
  ‫املزعوم‪.‬‬
  ‫مث بدأ احلضور‪...‬‬
  ‫خليط من اللهجات الشرقية‪ ..‬حلبية‪ ..‬حورانية‪ ..‬لكن ما شد أذين وألصقها‬
  ‫تسب وختطط ضد القائد‪.‬‬
  ‫ابلباب مساع هلجتنا الساحلية‪ ..‬وهي ُّ‬
  ‫شيء أول مرة أمسعه حبيايت‪.‬‬
  ‫‪35‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫جترأت أكثر وشققت الباب (نضال سليمان) ابن قريتنا املتذمر دائماً من الفساد‬
  ‫ّ‬
  
  ‫واحملسوبيات يف نظام القائد‪.‬‬
  ‫اختبأت داخل خزانة عمار‪ ،‬بعدما وعت أذين وعيين كل األمساء والوجوه‪.‬‬
  ‫مل تسنح يل أي فرصة للخروج طوال اليوم والليل؛ لكن ما كان يسلي قليب قليالً‬
  ‫هو التلصص ورؤية عمار وهو انئم‪،‬كان أبيض اللون مع شعر أشقر رمادي‬
  ‫على صدره‪ ،‬كان مثل املالك‪.‬‬
  ‫لكن كانت فكرة أتخذين وفكرة تعيدين‪ ،‬ذكرايت الفقر وبيع الفالحني بناهتم‬
  ‫خادمات للعائالت السنية قبل وصول "حافظ األسد" إىل احلكم‪،‬‬
  ‫فرص العمل املتوفرة يل وألخويت ولكل أبناء الطائفة العلوية‪ ،‬بدون احلاجة‬
  ‫للشهادات واخلربة‪ ،‬العزة والرتفع الذي مل يشعر به آابؤان وأجدادان من قبل‪.‬‬
  ‫وهل العم الدمشقي املتعجرف سيقبل يب كنة وأم أحفاد هذا القصر؟!‬
  ‫أم سيقبل أن يصافح يد والدي اليت ال تبارح بطحة العرق!‬
  ‫أريد عماراً‪ ،‬عماراً ولوحده فقط‪.‬‬
  
  ‫‪36‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫فرع فلسطني‬
  ‫‪ 1٥‬شباط ‪1٩٩٣‬‬
  ‫الساعة العاشرة صباحاً‬
  ‫الضابط‪ :‬هذه املعلومات مؤكدة اي سعاد؟‬
  ‫أان‪ :‬نعم اي سيدي لكن ابنه عمار ليس له عالقة ابملوضوع أبداً‪ ،‬إنه زميلي‬
  ‫ابجلامعة‪ ..‬وأان أعرفه جيداً‪.‬‬
  ‫الضابط‪ :‬اآلن نعرف إن كان له عالقة أم ال‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬سيدي أان أؤكد‪ ..‬ايسيدي ليس له أي عالقة وال يعرف شيئاً عن املوضوع‬
  ‫أبداً‪.‬‬
  ‫أعطيت كل األمساء‪ ،‬وخرجت من الفرع مرفوعة الرأس‪.‬‬
  ‫اآلن ال يوجد شيء يفرق بيين وبني عمار‪ ،‬وال يوجد شيء يفرق بني عائليت‬
  ‫ومناصبهم وامتيازاهتم‪.‬‬
  
  ‫‪37‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫سبع ع ًجاف‬
  ‫هي سنوات اجلوع يف مصر القدمية‪ ،‬أما األايم السبعة القادمة يف املعتقل‪،‬‬
  ‫كل يوم يعادل سنةً منهم‪.‬‬
  ‫فكان ُّ‬
  ‫أقل من ساعة_ فرع فلسطني_‪.‬‬
  ‫بعد ّ‬
  ‫ايسيدي وهللا هذا كله افرتاء‪ ،‬حنن ال عالقة لنا بشيء‪.‬‬‫حنن جمموعة أصدقاء‪ ..‬حنب أن جنتمع كل فرتة وفرتة جمرد اجتماع عادي‪.‬‬‫ضابط األمن‪ :‬وما كان طبيعة اجتماع األمس؟‬
  ‫أبو حممد‪ :‬عيد ميالد ابين عمار‪.‬‬
  ‫الضابط‪ :‬على من تضحك !؟حفلة عيد ميالد هلذا البغل الكبري‪.‬‬
  ‫أنزلوهم إىل احلمام و اعملوا هلم الواجب؛ لنرى هل تتنشط ذاكرهتم أم ال‪.‬‬
  ‫بعد تعذيب دام عدة أايم‪...‬‬
  ‫الضابط‪ :‬هل قررمت أن تتكلموا وبكل شفافية ووضوح‪ ..‬أم نعيد وسائل‬
  ‫اإلقناع؟!‬
  ‫أبو حممد‪ :‬اي سيدي‪ ..‬وهللا أوالدي ليس هلم أي عالقة ابملوضوع‪ ،‬عمار طالب‬
  ‫هندسة‪ ،‬وعبد الرمحن يدير جتارتنا يف سوق احلميدية‪.‬‬
  ‫الضابط‪ :‬على سرية والد ال ‪ ....‬ابنك حممد أين خيتبئ؟‬
  ‫أبو حممد‪ :‬ليس خمتبئاً‪ ،‬سافر قبل اعتقالنا بساعات‪ ،‬عنده عمل يف السعودية‪.‬‬
  ‫‪38‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫الضابط‪ :‬مىت يعود؟‬
  ‫أبو حممد‪ :‬بعد شهر‪.‬‬
  ‫الضابط‪ :‬وهل تظن أنين سأصرب شهراً‪ ..‬اتصل به ليأيت فوراً ‪..‬وإذا خرجت من‬
  ‫فمك كلمة حتذير ال تلم إال نفسك‪.‬‬
  ‫أبو حممد‪ :‬أمرك سيدي‪.‬‬
  ‫_السالم عليكم‪ ..‬كيف حالك ابين؟ مىت ينتهي عملك؟‬
  ‫الطبيب حممد ‪ :‬بعد شهر ونصف إن شاء هللا‪ ،‬هل حدث شيء؟‬
  ‫أبو حممد‪ :‬ال اي بين‪ ،‬يسر هللا لك‪ ..‬خذ وقتك‪.‬‬
  ‫سد احملقق فم أبو حممد ‪ ،‬ليكتم أتوهاته وغز املوس يف ركبته‪.‬‬
  ‫صرخ عبد الرمحن‪ :‬حممد حنن ابلفرع ال أتت‪ ،‬ليعاجله احملقق بضرابت كرابج‬
  ‫أسبحته بربكة من دمه‪،‬‬
  ‫ومل يعد يسمع من اهلاتف إال صوت ضرابت قلب حممد‪ ،‬وأنفاسه السريعة‬
  ‫املتالحقة‪.‬‬
  ‫بعد قليل وصل للفرع "ابسل األسد" االبن األكرب لـ"حافظ" ووريث العرش‬
  ‫املنتظر‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬سبعة أايم بلياليها‪ ..‬مل تستطع أن تسحب اعرتافاً واحداً منهم‪ ..‬ال من‬
  ‫السين‪ ..‬وال من الدرزي‪ ..‬وال من العلوي‪ ..‬أنت حمقق أنت! أنت كلب حراسة‬
  ‫كثري عليك‪.‬‬
  
  ‫‪39‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫احملقق‪ :‬ايسيدي حلمهم سينسلخ عن عظمهم‪ ،‬وقتل ثالثة منهم حتت التعذيب‬
  ‫وهم متمسكون آلخر حلظة بكالمهم‪ :‬ال يوجد تنظيم وال شيء‪ ..‬جمرد اجتماع‬
  ‫أصدقاء وفشة خلق‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬انقلع من أمامي‪ ..‬واترك املوضوع يل‪.‬‬
  ‫مسك ابسل امللف‪:‬‬
  ‫أبو حممد التاجر الدمشقي املعروف‪ ،‬أول املقبوض عليهم مع أبنائه‪ ،‬الزوجة‬
  ‫مطلقة يف األردن‪ ،‬البنت الوحيدة يف ابريس‪ ،‬خطان حتت البنت‪ ،‬يوجد عمة‬
  ‫عجوز‪ ،‬أحضروا يل العمة فوراً‪.‬‬
  ‫بعد نصف ساعة‪...‬‬
  ‫ السالم عليكم‪.‬‬‫‪ -‬أهالً وسهالً ابحلجة‪ .‬رد ابسل ‪..‬‬
  
  ‫ اي ابين هللا حيفظ شبابك وحيميك ألهلك‪ ..‬أخي وأوالده ليس هلم‬‫عالقة ابلسياسة‪.‬‬
  ‫ يكفي‪ ..‬اسكيت‪ ..‬تسمعني كالمي وتقولني أمرك سيدي‪ ..‬اتصلي‬‫اببنة أخيك اليت بفرنسا فوراً‪.‬‬
  
  ‫العمة خبوف‪ :‬ابنة أخي اي سيدي ليس هلا دخل ابملوضوع‪ ..‬وال تعرف شيئاً‪..‬‬
  ‫طالبة صغرية مشغولة بدراستها‪.‬‬
  ‫ اتصلي هبا ودعيها أتيت‪ ..‬وإن مل أتت سآخذ ابنتك بدالً عنها‪.‬‬‫برتج‪ :‬حلفتك ابهلل‪ ..‬حلفتك أبمك وأبيك وبكل غال عندك‪.‬‬
  ‫العمة ّ‬
  ‫ قلت لك لن أعتقلها‪ ..‬جمرد بضعة أسئلة‪ ..‬هل أان كذاب؟!‬‫‪40‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫ حاشاك‪ ..‬لكن أان ال أملك رقمها‪.‬‬‫ضحكة استهزاء وتباه على وجه ابسل‪:‬‬
  ‫ ال هتكلي مهاً‪ ..‬عندان أرقامكم وأرقام الذين خلّفوكم‪.‬‬‫مسكت العمة السماعة بيد ترجتف‪.‬‬
  ‫نور‪ :‬أهالً أهالً‪..‬كيف حالك عميت‪ ..‬اشتقنا لك‪.‬‬
  ‫ وأان ابألكثر‪.‬‬‫ ملاذا صوتك متغري؟‬‫‪ -‬مريضة قليالً‪.‬‬
  
  ‫ أان سافرت من هنا‪ ..‬وأنتم نسيتموين فوراً‪ ..‬أسبوع كامل ال أحد‬‫يتصل يب‪.‬؟‬
  ‫‪ -‬أبوك مريض قليالً‪ ..‬إذا استطعت احجزي وتعايل أبسرع وقت‪.‬‬
  
  ‫ ما مرضه؟ قويل يل‪ ..‬لقد أخفتين كثرياً؟‬‫أغلق ابسل السماعة‪:‬‬
  ‫تنور لنا الفرع‪.‬‬
  ‫‪ -‬ستبقني بضيافتنا حىت أتيت نور ّ‬
  
  ‫‪41‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫غزالة بني السباع‬
  ‫‪ 2٣‬شباط ‪1٩٩٣‬‬
  ‫وصلت إىل مطار دمشق الذي مل أره منذ شهور‪ ،‬مل يستقبلين هناك إال نسمات‬
  ‫دمشق الباردة‪ ،‬على ابب املطار وقفت أحبث عن سيارة أجرة تقلُّين ويف قليب‬
  ‫كم هائل من احلنق والغيظ؛ بسبب عدم استقبال أحد من أهلي يل‪.‬‬
  ‫سيارة بيضاء بشبابيك سوداء تقف جبانيب‪ ،‬خرج منها شاب وفتح الباب وقال‪:‬‬
  ‫تفضلي معنا‪.‬‬
  ‫ كيف سأتفضل معكم! من أنتم ؟!صرخت أمام السياح األجانب‬‫مبلء صويت‪.‬‬
  ‫الشاب‪ :‬تعايل أبدبك ‪ ..‬إذا أردت رؤية أبيك وإخوتك أحياء‪.‬‬
  ‫تسارعت دقات قليب املضطرب لتدفعين إىل السيارة اليت حشرت هبا يف اخللف‬
  ‫بني شابني مفتويل العضالت يفرتسانين بنظراهتم طوال الوقت‪ ،‬ليمسكاين فيما‬
  ‫ساعدي الرقيقني بغلظة ويدخالين إىل مكتب احملقق‪.‬‬
  ‫بعد من‬
  ‫ّ‬
  ‫ اجلسي‪.‬‬‫رفعت عيين قليالً؛ ألرى حمدثي‪ ،‬شعرت ابنفصال سريع عن الواقع ‪..‬‬
  
  ‫‪42‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫(واآلن يتم تتويج العقيد الركن الفارس الذهيب "ابسل األسد" بذهبية بطولة‬
  ‫سوراي للفروسية ‪-‬ماما هل ألصق صورة "ابسل األسد" على ميني صورة "حافظ"‬
  ‫أم يسارها ‪-‬أبو ابسل قائدان‪ ..‬ابلروح ابلدم نفديك أبو ابسل)‬
  ‫ابسل‪ :‬يلزمه رصاصتان برأسه املصور الذي صورك‪ .‬هذا اجلمال جيب أن يرمسه‬
  ‫ليوانردو دافنشي‪.‬‬
  ‫شعرت خبدر برجلي‪ ،‬وكأين أغرق وأغوص وأغوص بقلب الكنبة اإلسفنج‪.‬‬
  ‫أشوه‬
  ‫ابسل‪ :‬هل حتبني أن تتكلمي ابلذوق عن التنظيم الذي أسسه أبوك‪ ..‬أم ّ‬
  ‫هذا اجلمال كله بدقيقتني‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬اي سيدي أان أدرس يف فرنسا‪ ..‬وهللا ليس يل علم بشيء‪ ..‬حىت لو عذبتين‬
  ‫سأعرتف كذابً ألنين ال أعرف‪.‬‬
  ‫حىت أيب وإخويت طوال حيايت‪ ..‬مل أمسعهم يسيؤون حلضرتك أو للوالد ‪-‬حفظه‬
  ‫هللا‪ -‬حبرف‪ ،‬ملاذا لنفعل هذا‪ ،‬وحنن أبناء نعمة وال ينقصنا شيء‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬هذا الذي يثري جنوين‪ ..‬لو كنتم فقراء فالحني‪ ..‬كنت فهمت الدافع‪..‬‬
  ‫لكنكم جتار وأطباء ومهندسون وحبرأموال‪ ،‬ملاذا تنتقدون الوضع؟!‬
  ‫سيقر أوالد‬
  ‫ابسل‪ :‬العقيد حمسن خذها واعمل ما اتفقنا عليه‪ ..‬لنرى هل ُّ‬
  
  ‫الكلب‪ ..‬ويكشفون كل شيء أم ال‪.‬‬
  ‫بعد عشر دقائق من الصراخ واالستغاثة‪..‬‬
  ‫كنت أمشي يف سرداب طويل يقودين اثنان من العناصر‪ ،‬عيناي متسعتان‬
  ‫وحتدقان ابلفراغ‪ ،‬والربد على الرغم من عدم شدته ينخز جسدي العاري‪.‬‬
  ‫متنيت لو كنت قبيحة‪ ،‬تعافين العني وال تطيق رؤييت‪.‬‬
  ‫‪43‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫لعنت مجايل وعيين اخلضراوين وشعري الطويل األسود املموج الذي حاولت‬
  ‫حتريكه مراراً وتكراراً؛ ألسرت ما أستطيع سرته من جسدي ولكن عبثاً‪.‬‬
  ‫طرق العنصر الباب‪..‬‬
  ‫قليب الواجم يف صمت‪ ،‬بدأ يطرق بسرعة ملن أقاد مثل اجلواري‪ ،‬من سيكون‬
  ‫أول الغزاة‪.‬‬
  ‫عيين على ملئهما‪" ،‬ابسل األسد" متكئ على كرسيه يدخن سيجاره‬
  ‫فتحت ّ‬
  ‫وثالث كتل مكومة‪ ..‬تشبه البشر‪ ..‬مغسلة ابلدم‪.‬‬
  ‫صرخ ثالثتهم عند رؤييت صراخاً خافتاً يشبه األنني‪ ،‬ومع صراخهم بدأت‬
  ‫األشياء ابالبتعاد عين شيئاً فشيئاً‪ ،‬وتظلم حىت مل أعد أعي شيئاً‪.‬‬
  ‫صحوت على كف من الضابط‪ ،‬ووجدت نفسي مستلقيةً ابألرض إىل جانب‬
  ‫أيب وعبد الرمحن وعمار الذين مل أعرفهم إال من أصواهتم‪.‬‬
  
  ‫ابسل‪ :‬إذا بقيتم معندين مثل البغال‪ ،‬فجهزوا أنفسكم ملشهد بورنو مسل مع‬
  ‫هذه الصبية احللوة‪.‬‬
  ‫ يكفي اي سيدي سنعرتف‪ ..‬سنعرتف بكل شيء‪.‬‬‫كنت خمدرةً متاماً‪ ،‬سحبين الضابط لغرفة كبرية وراقية‪ ،‬ورماين على السرير الذي‬
  ‫بللته بدموعي‪.‬‬
  ‫بعد نصف ساعة دخل ابسل‪:‬‬
  ‫ أان وعدتك أن أتركك بعد انتهاء التحقيق والتحقيق قد انتهى‪ ،‬لكن‬‫هل جيوز أن مير هكذا حدث بدون احتفال‪ ،‬وفتح زجاجة اخلمر‪.‬‬
  
  ‫‪44‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫انعقد لساين‪ ،‬مل أستطع الكالم حىت يداي ورجالي كانتا مشلولتني بشكل‬
  ‫كامل‪.‬‬
  ‫أان ال أفكر‪ ...‬أان ال أرى‪ ...‬أان ال أتكلم‪...‬‬
  ‫أان فقط أشعر‪...‬‬
  ‫أشعر ابألمل‪ ..‬األمل الذي ينغرس ويصل إىل شرايني قليب‪.‬‬
  ‫لقد تسلى األسد ابالنقضاض على الغزالة الصغرية اتركاً إايها تنزف حىت املوت‪.‬‬
  ‫مل أع الوقت حينها‪ ،‬ولكنه كان أطول من عمري كله‪.‬‬
  ‫يقطع اهلدوء الطرق املتواصل على الباب بشدة‪ ،‬وتنتابين معه نوبة رجفان‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬ايحيوان ‪ ،‬مئة مرة قلت لك ال تدق الباب وقت راحيت‪.‬‬
  ‫الضابط‪ :‬سيدي األمر ضروري جداً‪ ،‬اتصال من القصر اجلمهوري‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬حسناً ثوان‪.‬‬
  
  ‫نظر يل ابسل نظرة قرف‪ ،‬ولبس مالبسه بسرعة‪ ،‬ودخل املكتب اجملاور‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬أهالً أهالً ابن العم‪ ..‬ملاذا؟ ما عالقة السفارة الفرنسية؟!‬
  ‫ابسل بغضب‪ :‬من أجل احلفاظ على العالقات الدبلوماسية مع فرنسا جيب‬
  ‫أن نضع حذاءً يف فمنا ونسكت؟ لن خترج ولو كان معها اجلنسية الفرنسية‪.‬‬
  ‫اتصال اثن‪ ..‬مل أعرف من املتكلم لكن غري لون وجه ابسل الذي أغلق السماعة‬
  ‫وقال يل ‪ :‬انقلعي‪ ..‬البسي أريد أن أقول لك كلمتني‪.‬‬
  ‫قمت ألبس بصعوبة ابلغة‪ ،‬كانت يداي املرجتفتان تزرران أزرار املانطو بصعوبة‪،‬‬
  ‫واحلجاب وضعته من غري لف؛ ألن يدي كانتا عاجزتني عن ربطه‪.‬‬
  
  ‫‪45‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫آلة الزمن االخرتاع الذي أيخذان إىل املاضي‪ ،‬ويرينا األجداد‪ ،‬أو إىل املستقبل‬
  ‫لنرى االخرتاعات‪ ،‬مل أرد من هذه اآللة إال تقدمي االتصال نصف ساعة فقط‬
  ‫إلنقاذي‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬إذا علم خملوق مبا حدث هبذه الغرفة ال تلومي إال نفسك‪ ،‬أحضرك‬
  ‫أنت وأمك لو كنتما بقصر اإلليزيه وأربطكم هبذا السرير وآمر كل عناصر احلرس‬
  ‫اجلمهوري أن يسلموا عليكم بطريقتهم اخلاصة‪ ..‬واآلن انقلعي من وجهي‪.‬‬
  ‫ركضت من الفرع بسرعة مثل اجملانني‪.‬‬
  ‫سائق الباص‪ :‬العمى بقلبك‪ ..‬هل تريدين االنتحار!‬
  ‫ركضت إىل خاليت لتحجز يل على أول طائرة متجهة إىل ابريس‪.‬‬
  ‫ارتفعت الطائرة‪ ،‬وأان وامجة أحدق من النافذة‪ ،‬رأيت املقربة حيث يرقد الثالثة‬
  ‫‪...‬أيب وأخي عبد الرمحن وتوأم روحي عمار‪ ،‬وإىل يسارهم ترقد أمي اليت توقف‬
  ‫قلبها عن العمل عند دخوهلم إىل السجن‪.‬‬
  ‫حماوالت حممد العديدة ابالتصال يب وحتذيري ابءت ابلفشل‪ ،‬فقد كنت أحلق‬
  ‫ابجلو‪ ،‬ال أعرف إىل أي جهنم سأهبط‪.‬‬
  ‫املضيفة‪ :‬الرجاء من الركاب الكرام ربط حزام األمان‪.‬‬
  ‫وهل األمان كلمة ميكن أن تربط حبزام؟!‬
  ‫لقد فقدت كل األمان‪ ،‬عندما فك أحدهم حزامه‪.‬‬
  ‫بدا كل شيء بعيداً من انفذة الطائرة‪ ،‬دمشق‪ ..‬القبور األربعة الراسية على جبل‬
  ‫قاسيون تراقب دمشق حبزن وأسى‪.‬‬
  
  ‫‪46‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫األرملة السوداء‬
  ‫حماواليت إلنقاذ حبييب عمار كلها ابءت ابلفشل‪.‬‬
  ‫لدرجة أن ضربين أيب مرة من املرات‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬اي أيب ما ذنب عمار؟‬
  ‫أيب‪ :‬متسرت على اجلرمية‪ ..‬ذنبه مثل ذنبهم‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬لكن احملقق وعدين أال يعتقله‪.‬‬
  ‫أيب‪ :‬وغري رأيه‪ ..‬ووجد أمهية إبلقاء القبض عليه‪.‬‬
  ‫بكيت عدة أايم ‪،‬حقدي على أهل عمار سرق مين عماراً أيضاً‪.‬‬
  ‫بكيت ليال طويلة؛ لكن ماذا يفيد الندم بعد اآلن‪.‬‬
  ‫عاد يل األمل بعد قرار الرئيس إصدار عفو عن بعض السجناء غداً‪.‬‬
  ‫السادسة صباحاً‪ ..‬كنت أول الواقفني أمام فرع فلسطني‪ ،‬وقليب خيفق بسرعة‪،‬‬
  ‫اي ترى عمار سيساحمين؟ لكنه لن يعرف‪ ،‬وأان سأخبئ السر بقليب وسأنسيه‬
  ‫هذه األايم السوداء‪.‬‬
  ‫كنت متأكد ًة متاماً أن عماراً سيخرج‪.‬‬
  ‫بدأ املعتقلون ابلظهور‪ ..‬أجساد حنيلة‪ ..‬أقدام متورمة تكاد ال تستطيع محل‬
  ‫أصحاهبا‪.‬‬
  
  ‫‪47‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫كلما أطل شاب أشقر ‪،‬كان قليب يطري فرحاً حىت يتبني يل خطأي‪ ،‬مل خيرج‬
  ‫أي اسم من األمساء اليت أدليت هبا للمحقق إال اسم واحد‪ ،‬الناشط العلوي‬
  ‫فقط‪.‬‬
  ‫كانت دهشيت ال توصف خبروجه‪ ..‬ملاذا مل خيرج أحد سواه!‬
  
  ‫أتوقع أنه نفسه ال يعرف ملاذا‪.‬‬
  ‫ركضت إليه فوراً ألسأله عن عمار‪..‬‬
  ‫الناشط‪ :‬من أنت؟‬
  ‫أان‪ :‬ابنته‪..‬عفواً عفواً أخته‪.‬‬
  
  ‫الناشط‪ :‬فلريمحه هللا‪ ،‬اراتح من العذاب برفقة أبيه وأخيه‪ ،‬إذا احتجت لشيء‬
  ‫أخربيين اي ابنيت‪.‬‬
  ‫كل أهايل أفراد التنظيم كانوا ينتظرون أقارهبم‪ ،‬وينظرون للناشط العلوي نظرًة‬
  
  ‫مليئةً ابحلقد والريبة‪.‬‬
  ‫مهما بلغ اإلنسان من اخلبث‪ ،‬فلن يصل إىل خبث النظام البعثي‪.‬‬
  ‫لقد أطلق سراح الناشط العلوي‪ ،‬وأطلق على اترخيه املعارض رصاصةً ال توصف‬
  ‫ابلرمحة أبداً‪ ،‬حيث توجهت مجيع نظرات الشكوك حنوه‪.‬‬
  
  ‫وتالشى األمل بوجود إنسان حكيم معارض يف طائفة الرئيس‪ ،‬ليضرب‬
  ‫"حافظ" عصفورين حبجر واحد‪:‬‬
  ‫تزداد ثقة العلويني ابحلصانة املطلقة املمنوحة هلم من رئيسهم‪ ،‬وتنعدم الثقة بني‬
  ‫الطوائف السورية واحملايدين واإلصالحيني من الطائفة العلوية على قلة عددهم‪.‬‬
  
  ‫‪48‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫مشيت يف شوارع دمشق هائمةً على وجهي‪ ،‬حىت وصلت منطقة املهاجرين‪،‬‬
  
  ‫ألصعد يف الربد على جبل قاسيون حيث املقربة‪.‬‬
  ‫وقفت يل عدة سيارات أجرة؛ لكين رفضت الصعود كنت أريد أن أمشي حافيةً‬
  ‫عل هللا يرأف حباليت ويكفر خطيئيت‪.‬‬
  ‫متأملة‪ّ ،‬‬
  
  ‫ السالم عليكم دار قوم مؤمنني‪ ..‬أنتم السابقون‪ ..‬وحنن الالحقون‪.‬‬‫كأين أول مرة أمسع هذه الكلمة‪ ...‬إنه املوت ‪..‬الذي أييت السجني كما أييت‬
  ‫السجان‪ ،‬سيأيت "حافظ" كما أييت الفالح واملواطن‪.‬‬
  ‫دخلت املقربة ‪..‬مازال الرتاب رطباً‪.‬‬
  ‫ال أعرف ماذا أقول اي عمار؛ لكن ما يريح قليب قليالً أنك عند أرحم الرامحني‬
  ‫مع أمك وأبيك وأخيك‪.‬‬
  ‫لن يعاتبك أحد على حبك الصايف يل‪ ،‬وغدري بك‪.‬‬
  
  ‫إنك يف دار النعيم‪ ،‬حيث لقاء األحبة‪ ...‬حيث ال عتاب ‪..‬ال جدال ‪..‬ال‬
  ‫نقاش‪.‬‬
  ‫أرجوك ساحمين‪ ...‬لقد صدقت أكذوبة احملاكمات العادلة والعفو‪.‬‬
  ‫ال أعرف كيف أكمل حيايت‪ ،‬ومب ستنفعين املناصب املهداة لنا أو احلراسة اليت‬
  ‫ال ينفذ منها إنسان‪ ،‬طاملا روحك وروح عائلتك وأصدقائكم ستبقى تالحقين‬
  ‫وتؤرق ليلي وتقض مضجعي‪.‬‬
  
  ‫‪49‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫اكتئاب‬
  ‫مطار شارل ديغول‬
  ‫ابريس ‪1٩٩٣‬‬
  ‫كان ابنتظاري عمي املهندس املدين وتوأم والدي احلقيقي والروحي‪ ،‬وزوجته‬
  ‫احلنونة العطوف‪ ،‬ابدرا إىل ضمي وعناقي‪ ،‬أما أان فكنت أنظر نظرات شاردة‬
  ‫غريبة‪.‬‬
  ‫مل يسأالين أي سؤال‪...‬‬
  ‫عدان فوراً إىل املنزل‪ ،‬وعلى مائدة تتناغم فيها األطباق الفرنسية الشهية مع‬
  ‫األطباق الشامية األصيلة‪.‬‬
  ‫تقيأت عدة مرات‪.‬‬
  ‫ودخلت غرفيت‪ ،‬وشرعت ابلبكاء‪.‬‬
  
  ‫عمي‪ :‬الهتتمي اي بنيت‪ ..‬غداً تتحسنني فقط اراتحي‪ ،‬سأؤجل دراستك‬
  ‫ابجلامعة فصلني‪.‬‬
  ‫زوجة عمي‪ :‬غداً نرى طبيباً نفسياً جيداً‪ ..‬يعطيك أدوية هتدئ أعصابك‬
  ‫وترحيك‪ ..‬خذي هذه احلبة اآلن وانمي‪.‬‬
  ‫يف اليوم التايل‪ ..‬بدأت رحليت الطويلة مع مضادات االكتئاب واملهدائت‪.‬‬
  
  ‫‪50‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫األرواح تتكلم‬
  ‫ نعم أان أنيسة إمساعيل خادمتك سيدي‪،‬‬‫هللا حيفظك لنا‪ ..‬ويرفع رأسك مثل ما رفعت رأسنا ورأس طائفتنا‪ ..‬لوالك ولوال‬
  ‫أبوان القائد‪ ..‬ما كنت حلمت مبنحة الطب يف أرقى جامعات فرنسا‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬توقفي عن كثرة الكالم‪ ..‬هل تعرفني نور؟‬
  ‫أنيسة‪ :‬نور أم املانطو واحلجاب‪ ..‬نعم أعرفها سيدي‪ ..‬لكن من وقت عودهتا‬
  ‫من سوراي‪ ..‬مل أرها ومل أتت إىل الكلية‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬سآمرك أمراً‪ ..‬وأنت وذكاؤك ‪..‬إما حتافظني على منحة الطب وتكسبني‬
  ‫‪ ١٠‬آالف دوالر مع بطاقة طائرة تزورين أهلك‪ ..‬أو سعرك رصاصة إذا علم‬
  ‫هبذا األمر خملوق‪.‬‬
  ‫أنيسة‪ :‬أان اي سيدي عبدتك‪ ..‬وخادمتك املطيعة‪ ..‬وأفديك بروحي‪.‬‬
  ‫ابسل‪ :‬جيد‪ ..‬تقريب من البنت‪ ..‬واعريف أخبارها جيداً‪ ..‬وخاصة ماذا حدث‬
  
  ‫معها عندما كانت يف سوراي‪ ..‬هل ذكرت امسي‪ ..‬أي معلومة ولو اتفهة أخربيين‬
  ‫إايها‪.‬‬
  ‫موعدان إذا ال يوجد مستجدات بعد شهر أتيت لعندي قبل أهلك‪ ..‬وال ختربي‬
  ‫أحداً بقدومك إىل الشام‪ ..‬اكتيب العنوان‪ :‬احلرس اجلمهوري قدسيا ‪...‬‬
  ‫ أان حتت أمرك سيدي‪.‬‬‫‪ ١٠‬آالف دوالر يعين شقة صغرية أنيقة‪ ،‬أو سيارة حديثة‪.‬‬
  ‫‪51‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫آمال وطموحات كثرية كانت تدور يف رأس الشابة الصغرية‬
  ‫بعد البحث والتودد إىل صديقات نور‪..‬‬
  ‫علمت أهنا مريضة نفسياً‪ ،‬غري قادرة على الكالم حىت تذكر اسم ابسل وحافظ‬
  ‫وغريمها‪ ،‬ومل يعلم أحد شيئاً عن رحلتها إىل الشام‪ ،‬متوقفة عن الدراسة‪ ،‬تعيش‬
  ‫الفشل على مجيع املستوايت‪.‬‬
  ‫لكن ما عالقة ابسل هبا؟ ملاذا خيشاها؟ ابتسامة غيظ على وجه أنيسة اليت‬
  ‫فهمت املوضوع متأخرة‪.‬‬
  ‫اتصلت بباسل وأخربته بكل شيء‪ ،‬وطلب مين احلضور الستالم مكافأيت‪.‬‬
  ‫كان اللقاء املرتقب يف القصر املشاد على قمة جبال احلرمون الذي يطل على‬
  ‫اهلامة وقدسيا مبنظر أخاذ‪ ،‬حيث تتمايل فروع األشجار على هنر بردى‬
  ‫لتغطيه بكثافتها‪ ،‬هدوء مهيب إال من صوت بعض الطيور اليت كانت تغرد‪،‬‬
  ‫وتنقر الثمار من األشجار‪.‬‬
  ‫طرقت الباب مراراً ‪..‬مل جيب أحد‪ ،‬دفعت الباب‪ ..‬الفيال ساكنة ‪ ،‬مظلمة‬
  ‫وابردة برود املوت‪.‬‬
  ‫ سيدي أان جئت‪ ..‬وعملت الذي أمرتين به‪.‬‬‫ سيدي أين أنت؟‬‫أغلق الباب فجأة‪ ،‬وعم الظالم‪..‬‬
  ‫أنيسة خبوف‪ :‬هل يوجد أحد هنا؟‬
  ‫صوت صفري سريع‪ ..‬تدفق حار مثل هنر بردى يغسل وجهي وجسدي وال‬
  ‫يتوقف‪.‬‬
  ‫‪52‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫طارت العصافري بسرعة مذعورةً من األشجار‪ ..‬مث عادت لتكمل طعامها وعاد‬
  
  ‫كل شيء إىل طبيعته‪.‬‬
  ‫وسجل يف النفوس‪ :‬أنيسة إمساعيل‪ ...‬مفقود‪.‬‬
  
  ‫‪53‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫مواء قط‬
  ‫كندا _كاجلاري _ مسجد بيت النور‬
  ‫‪11‬‬
  
  ‫‪2٨‬‬
  
  ‫‪1٩٩٣‬‬
  
  ‫مل حيضـر لصـالة الفجر يف هذا اليوم املثلج إال اإلمام وبضـع عمال من املعمل‬
  ‫اجملاور ‪ ..‬بعد تكبرية اإلحرام مباشـ ـ ــرة عال صـ ـ ــوت صـ ـ ـراخ رضـ ـ ــيع طغى عويله‬
  ‫على صفري الرايح والعواصف‪..‬‬
  ‫خفف اإلمام من الصـالة وبعد السـالم طلب من النسـاء خلف السـتار هتدئة‬
  ‫الرضيع إلكمال الذكر و الدعاء‪ ،‬لكن عبثاً ‪..‬الصغري أيىب التوقف‪.‬‬
  
  ‫شيخي‪ ...‬ال يوجد نساء يف املسجد!!‬
  ‫ركض اإلمام واملص ـ ـ ــلني الس ـ ـ ــتكش ـ ـ ــاف األمر وفتحوا ابب املس ـ ـ ــجد؛ ليجدوا‬
  ‫رضـ ـ ــيعاً مع زجاجة حليب سـ ـ ــاخنة‪ ..‬أخذوه بسـ ـ ــرعة خوفاً عليه من الصـ ـ ــقيع‬
  ‫وذائب الغابة املالصقة‪.‬‬
  ‫ال ورقــة‪ ..‬ال إثبــات‪ ..‬فقط غطــاء مســاوي منقوش عليــه اتريخ امليالد وكلمتـ ان‬
  ‫ابللغة اإلنكليزية‪:‬‬
  ‫‪my name is koutaybah‬‬
  ‫‪ -‬كتيبة ‪..‬ما هذا االسم الغريب!! هل هو من الكتابة‪ ،‬أم من الكتاب؟‬
  
  ‫‪54‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫يف الغابة الثلجية ملعت أربع عيون آدمية‪ ،‬راقبت ووعت الوجوه جيداً‪ ،‬وحتركت‬
  
  ‫بسرعة تسابق الزمن‪ ،‬املركز الوطين للقطاء‪:‬‬
  ‫أخذ الرضيع اجلنسية الكندية‪ ،‬كما أيخذها مجيع اللقطاء يف املركز‪.‬‬
  ‫احتش ـ ــدت املربيات األربع على الس ـ ـرير الص ـ ــغري يراقنب الرض ـ ــيع الذي يش ـ ــرب‬
  
  ‫زجاجته بنهم‪.‬‬
  ‫ عيناه واسعتان يبدو عربياً‪.‬‬‫ بشرته شديدة البياض رمبا كان أوروبيا‪.‬‬‫مل يقطع أتمالهتم إال صوت خربشات غريبة قادمة من قسم األدوية‪.‬‬
  ‫شعر اجلميع خبوف ‪ ..‬سوزان ‪:‬‬
  ‫ لنخرب احلارس‪.‬مث دخلوا مجيعاً‪ ،‬الغرفة مقلوبة رأساً على عقب!!‬‫ ماذا يريد اللص بغرفة الدواء؟!‬‫ اختفت عينات حتليل دم األطفال‪ ،‬جيب أن خنرب الشرطة فوراً‪.‬‬‫سوزان‪ :‬وأن أنخذ حذران‪ ،‬سننيم األطفال يف غرفنا الليلة‪.‬‬
  ‫ سآخذ قتيبة وسيلينا إىل غرفيت‪.‬‬‫مل تس ـ ـ ـ ــتطع الش ـ ـ ـ ــرطة حل اللغز‪ ،‬وكان قتيبة دائم البكاء ليل هنار‪ ،‬األمر الذي‬
  ‫شجعهم على تسليمه ألول عائلة تطلب تبنيه‪.‬‬
  
  ‫‪55‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫تفاؤل مؤقت‬
  ‫‪2012‬‬
  ‫اليوم حفل خترجنا أان وهوزان من الثانوية العامة‪ ،‬عملت أمي كل جهدها‬
  ‫بتحضري األطباق الشهية لنا ودعوة أصدقائنا‪.‬‬
  ‫هوزان‪ :‬اي أمي لقد أتعبت نفسك كثرياً‪.‬‬
  
  ‫أمي‪ :‬اي ليت كل التعب مثل هذا‪ ،‬أنت وأخوك قتيبة عيناي االثنتان‪.‬‬
  ‫كان خترجي من الثانوية الربيطانية إنرتانشوانل اخلاصة بينما خترج هوزان من‬
  ‫اثنوية حكومية‪.‬‬
  ‫مل ي ْشك هوزان‪ ،‬ومل يتذمر يوماً من التمييز ابألموال املقدمة يل اليت تفوق قدرة‬
  ‫والديه حىت‪.‬‬
  ‫وكانت هدييت موابيل أيفون أحدث إصدار‪ ،‬أما هوزان‪ ،‬فقد كانت فرحته ال‬
  ‫توصف ابلبدلة الرايضية واحلذاء الرايضي اجلديد‪.‬‬
  ‫تالشت االبتسامة عن وجهي‪ ،‬وقلت أليب إذا كان هوزان يقبل فأان ال أقبل‪.‬‬
  ‫ملاذا أان آيفون‪ ..‬وهو بدلة رايضة فقط‪.‬‬
  ‫هوزان‪ :‬طبيعي درجاتك أفضل من درجايت‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬وتتكلم ابقتناع! الفرق بيننا درجتان فقط‪.‬‬
  ‫تقدمنا إىل كلية الطب أان وهوزان‪ ،‬كنا نريد أن نصبح أطباء للثورة‪ ،‬ونعاجل‬
  ‫اجلرحى واملصابني يف سوراي ‪...‬لقد أرضعتين والدة هوزان مع حليبها قصص‬
  ‫‪56‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫حافظ وبعثه واستبداده‪ ،‬الذي طال البشر واحلجر‪ ،‬يف بلد مل أرها ومل يربطين‬
  ‫هبا إال حليب أمي السورية الكردية الرقيقة‪ ،‬وأثبتت الدروس نفسها بوضوح مع‬
  ‫‪.‬‬
  ‫بداية ثورة الشعب السوري‪.‬‬
  ‫لبست بدليت البيضاء‪ ،‬وتوجهت يف يومي األول إىل الكلية مع آمال عريضة‪.‬‬
  ‫أثناء متابعة التسجيل‪ ،‬قابلتين املوظفة بوجه غاضب‪ :‬سيد قتيبة‪ ..‬ال نستطيع‬
  ‫قبولك ابجلامعة‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬ملاذا؟‬
  ‫املوظفة‪ :‬القسط األول مل يدفع‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬كيف هذا؟ أيب حول النقود للحساب‪.‬‬
  ‫املوظفة‪ :‬وعاد وسحبهم‪.‬‬
  ‫انقلب التمييز لصاحل هوزان فجأة‪.‬‬
  ‫وصلت إىل البيت وضغطي مرتفع لآلخر‪ ،‬ومل أنس رمي بدلة الطب أبول‬
  ‫قمامة‪.‬‬
  ‫دخلت البيت‪ ..‬كان أيب جالساً ينتظرين‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬ملاذا هوزان يصبح طبيباً للثورة وأان ال؟‬
  ‫أيب‪ :‬لست مستعداً للتضحية أبوالدي االثنني يف سوراي‪.‬‬
  ‫علي أكثر من ابنك الوحيد‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬هل تريد أن تقنعين أنك خائف ّ‬
  ‫أيب‪ :‬أنتما االثنان ولداي‪ ..‬وأان ال أفرق بينكما‪.‬‬
  
  ‫أان‪ :‬واآلن تتكلم هذا الكالم بعد ما تركتين أأتمل‪ ،‬مسيتين قتيبة أي سريع‬
  ‫الغضب‪ ..‬وتصرفك هذا أوصلين للجنون‪ ..‬وليس للغضب فقط‪.‬‬
  ‫‪57‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫أيب‪ :‬لست أان من مساك قتيبة‪ ،‬ومل أدفع لك دوالراً واحداً‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬إذاً من؟‬
  ‫أيب‪ :‬أعطين حبة القلب اي أم هوزان‪.‬‬
  ‫وأنت اذهب‪ ..‬وثبت تسجيلك بكلية االقتصاد وإدارة األعمال؛ ألن املال‬
  ‫حتول إىل هناك‪.‬‬
  ‫أي اقتصاد وأي أعمال هذه اليت سأديرها‪ ..‬من يدير حيايت ويتالعب‬
  ‫أان‪ّ :‬‬
  ‫فيها!؟‬
  ‫سكت اجلميع وانسحبوا إىل غرفهم‪ ،‬كان الكل يعرف إال أان‪.‬‬
  ‫وأمتمت سنوايت اجلامعية األربع بعد أيس اتم من معرفة اجلواب‪.‬‬
  
  ‫‪58‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫مراعاة مشاعر‬
  ‫‪201٩ - ٨ - 22‬‬
  ‫استشهاد ‪ ٥‬مدنيني‪..‬‬
  ‫قصف مشفى ميداين‪..‬‬
  ‫سيطرة النظام على خان شيخون‪..‬‬
  ‫كادت األثقال تقع على قدمي من شدة االنفعال‪.‬‬
  ‫هوزان‪ :‬ملاذا تستغرب اي قتيبة هذه اهلزائم؟ ال دعماً عسكرايً‪ ..‬ال وحدة‪ ..‬ال‬
  ‫ختطيطاً‪ ..‬ال قائداً‪.‬‬
  
  ‫أان‪ :‬مل يعد يل رغبة ابلتدرب‪.‬‬
  ‫هوزان‪ :‬واملال الذي دفعناه!‬
  ‫أان‪ :‬هل هذا كل ما يهمك؟!‬
  ‫بكل األحوال أتخرت كثرياً عن البيت‪ ،‬جيب أن أعرف رأي أمي ابلعروس‪.‬‬
  
  ‫هوزان‪ :‬ما زلت مصراً على مليس‪ ،‬اي ليتها تشبه مليس الرتكية قليالً وأهلها‬
  ‫متكربون‪.‬‬
  ‫أان‪ :‬جتاوزت حدودك‪ ..‬ال يهمين اجلمال كثرياً‪ ..‬املهم أن أكون مع زوجة‬
  ‫علي‪ ..‬نظرت للمرآة‪ ..‬كان التباين بني سواد عيوين‬
  ‫تناسبين‪ ..‬وملاذا ليتكربوا ّ‬
  ‫وشعري وحلييت مع بياض بشريت مينحين مجاالً مبهراً‪ ..‬خاصةً مع جسم رايضي‬
  ‫قوي‪.‬‬
  ‫‪59‬‬
  
  ‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ آخر رجال األسد‬
  
  ‫ـــــــــــــ ــــــ ــــــ ــــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ـــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــ ـــــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ــــــ ـــ‬
  
  ‫كان موعدان الثاين مع أهل مليس يف اليوم التايل‪.‬‬
  ‫رأيتها بوضوح‪ ،‬حقيقة مل أشعر بشيء جتاهها ال إجيايب وال سليب‪ ،‬شعور‬‫عادي مثلما أشعر عندما أرى هوزان أو ايسني‪.‬‬
  ‫لكن بكل األحوال‪ ،‬احلب ابلنسبة يل ليس ابألمر املهم كثرياً‪.‬‬
  ‫املهم‪ ..‬أن يكون عندي عائلة حقيقية وأوالد حيملون امسي‪ ،‬وأفتخر هبم‬
  ‫ويفتخرون يب‪.‬‬
  ‫والد مليس‪ :‬نعم اي ابين‪ ..‬لقد فهمت أنك يتيم ورابك احلجي واحلجة حفظهما‬
  
لقد قرأت النص 1 من عربي الأدبيات.